للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن الحال وصاحبها كالنعت مع المنعوت، كما أنه يجبُ أن يكون العامل في النعت هو العامل في المنعوت فكذلك ما أشبهه وهو الحال وصاحبها، يجبُ أن يكون العامل فيهما واحد؛ لأن الشيء إذا أشبَه الشيء أخذَ حكمه. وعاملهما يعني النعت والمنعوت واحد، وهذا مذهبُ الجمهور، وهو وجوبُ كون العامل في الحال هو العامل في صاحبها، هذا مطلَق خلافاً لسيبويه، وذهبَ سيبويه إلى عدمِ وجوب ذلك؛ لأن الحالَ أشبهُ بالخبر. الجمهورُ عاملوها معاملة النعت، فأوجبوا اتحاد العامل، سيبويه شبَّهها بالخبر، حينئذٍ العاملُ في الخبر ما هو؟ المبتدأ، والعامل في المبتدأ ما هو؟ الابتداء. إذن لا يُشترط؟ هذا قياس الشبه، يعني: مما تختلفُ فيه الأنظار، ولا بأس هذا أو ذاك.

وذهب سيبويه إلى عدم وجوب ذلك؛ لأن الحال أشبه بالخبر، وعامله غير عامل المبتدأ على الصحيح؛ لأن عامل المبتدأ هو الابتداء، وليسَ هو الخبر، وعامل الخبر هو المبتدأ. إذن افترقا، فحينئذٍ لماذا نُلحق الحال وصاحبها بالنعت والمنعوت مع كون ثَمَّ شبهٌ آخر بالخبر، قال: الثاني أولى من الأول، واختارَه ابنُ مالك في التسهيل، وقال: وقد يعملُ فيها غير عاملِ صاحبها خلافاً لمن منعَ.

إذن مذهب سيبويه أنه لا يُشترَط اتحاد العامل في صاحب الحال وفي الحال، ولذلك جوّزَ مجيءَ الحال من المبتدأ، وجوّزَ مجيءَ الحال من المضاف إليه مطلقاً .. من المسائل الثلاث وغيرها، ليسَ عنده تفصيل، ولكن الجمهور يقولون لا بدّ من استثناء في المضاف إليه على أنه نوع مُعين ليصح أن يكون حالاً منه.

إذن على مذهب سيبويه نقولُ: كلّ مُضاف إليه يجوزُ إتيان الحال منه بدون استثناء؛ لماذا؟ لأنه لا يُشترَط عنده اتحادُ العامل في صاحب الحال والحال، وأما عندَ الجمهور فلا، لا بدّ أن يكون واحداً من هذه المسائل الثلاث، وما عداها لا يجوزُ؛ فيبقى على الأصل.

وَلاَ تُجِزْ حَالاً مِنَ الْمُضَافِ لَهْ: إليه .. هذا الأصل مطرد إلا في ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: استثناها بقوله: إِلاَّ أداة استثنى، إِذَا اقْتَضَى الْمُضَافُ عَمَلَهْ يعني: إذا كان المضاف أُجري مجرى الفعل فحينئذٍ جازَ للمضاف إليه أن يأتي بالحال منه، إذا كان المضافُ اسمَ فاعل أو اسم مفعول أو صفة مُشبّهة جازَ إتيان الحال من المضاف إليه. إِلاَّ إِذَا اقْتَضَى الْمُضَافُ عَمَلَهْ، عَمَلَهُ الضمير يعودُ هنا على الحال، أي: نصبَه، عمل الحال أي: نصبه.