للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأصلُ في الحال أنها لا تجوزُ من المضاف إليه، لا يجوزُ مجيءُ الحال من المضاف إليه؛ لماذا؟ لعدم صدقِ الشرط السابق، وهو عدمُ اتحاد العامل، لو قلتَ مثلاً: جاء غلام زيد مُسرعاً، غلامُ: فاعل وهو مضاف، وزيد: مضاف إليه هو صاحب الحال، مُسرعاً: حال من زيد، طيب؛ صاحب الحال زيد، ومسرعاً هو الحال، ما العاملُ في الحال؟ ما العامل في المضاف -غلام-؟ الفعل، ما العامل في المضاف إليه؟ المضاف، ما العاملُ في الحال؟ الفعل، هل حصلَ الاتحاد أم حصل الافتراق؟ حصل الافتراق.

إذن لا يجوزُ أن تكون الحال آتية من المضاف إليه؛ لماذا؟ لما اشترطَه الجمهور من وجوب اتحاد العامل في صاحب الحال والحال نفسها.

قال: لا يجوزُ مجيءُ الحال من المضاف إليه؛ لماذا؟ لما حصلَ من الافتراق بين عامل الحال وعامل صاحب الحال؛ إلا في ثلاث مسائل، يجوزُ إتيان الحال من المضاف إليه.

وَلاَ تُجِزْ ما إعرابه؟ مضارع مجزوم بلا الناهية، والفاعل أنت، حَالاً؟؟؟ مِنَ الْمُضَافِ: هذه صفة لحال، مِنَ الْمُضَافِ لَهْ اللامُ هنا بمعنى إلى؛ لأن مادة أضافَ تتعدى بإلى، فاللام هنا بمعنى إلى. إذن لاَ تُجِزْ حَالاً من المضاف إليه، فالكلامُ عن المضاف إليه لا عن المضاف، أما المضافُ فيأتي منه الحال لا إشكالَ فيه؛ جاء غلامُ زيدٍ مسرعاً على أنه حال، من غلام هذا لا إشكال فيه، هذا محلّ وفاق، وإنما الكلام في المضاف إليه.

لاَ تُجِزْ حَالاً مِنَ الْمُضَافِ لَهْ يعني إليه؛ لأن أضافَ يتعدّى بـ (إلى)، فاللام حينئذٍ بمعنى إلى، ما العلة؟ نقول: لوجوب كونِ العامل في الحال هو العامل في صاحبها، هذا العلة، فالحكمُ عام، لاَ تُجِزْ نهي، فلا يجوزُ أن تأتي بالحال من المضاف إليه لوجوب كون العامل في الحال هو العامل في صاحبها، وذلك يأباه، يعني: مجيء الحال من المضاف إليه يأبى أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحب الحال. يأبى جوازَ مجيء الحال من المضاف إليه؛ لأن المضاف إليه مِن حيث إنه مُضاف لا يعملُ النصب؛ إذ الحال وصاحبها كالنعت والمنعوت، وعاملُهما واحد، العامل في النعت هو العامل في المنعوت، "جاء رجل راكبٌ", راكبٌ مرفوع بجاء. زيد مرفوع بجاء؛ هذا مثله، ولذلك عندَهم أن الحال لها شبهان: شبهٌ بالنعت وشبهٌ بالخبر، فثَمَّ أحكامٌ مأخوذة من أحكام النعت مع المنعوت، وثَمَّ أحكامٌ مأخوذة من أحكام الخبر مع المبتدأ، فحقيقةُ الحال كلّها من أولها إلى آخرها مُركّبة من البابين. ثَمَّ أحكام تتعلّق بالخبر بالمبتدأ نُقِلت إلى هذا المحل، وثَمَّ أحكام مأخوذة من باب النعت.