للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} فجأة، وهي أشد.

{يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} الحفي: العالمُ بالشيء المعنيُّ به، تقول: حَفِيَ عن الشيء: سأل، وحَفِيَ بالشيء: عُني به، وحَفِيَ بالشيء حَفَاوة: فَرِحَ به، وقيل: حَفِيَ: مِنْ حَفَا يحفو: إذا حكم (١)، ويحتمل: أنه فَعِيْل بمعنى مُفْعِل (٢)، أي: أحفيتَ في السؤال عنها وبالغتَ فيه.

وقوله {عَنْهَا} فيه قولان:

أحدهما: فيه تأخير، وتقديره: يسألونك عنها كأنك حفي، أي: عالم.

والثاني: واقع موقعه بمعنى الباء، أي (٣): كأنك حفي بها، وقيل: أكثرت البحث عنها.

الزجاج: يسألونك عنها كأنك حفي، أي: فرح بسؤالهم (٤).

{قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٧)} كرر لأن المراد بالأول علم وقتها، وبالثاني علم كونها.

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} في سبب النزول: قال الكلبي: إن أهل مكة قالوا: يا محمد: ألا أخبرتنا بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فنشتري ونربح به (٥)، وبالأرض التي يُريد أن يُجْدِب فَنَرْتَحِلَ عنها إلى ما قد أَخْصَبَت، فأنزل الله تعالى هذه الآية (٦).

والمعنى: لا أملك نفع نفسي ولا ضرها إلا ما شاء الله أن أملكه، وقيل: لا أملك هدى ولا ضلالاً (٧).

{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ} أي: الذي سألتموني عنه.

{لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} لادخرت (٨) في زمان الخصب من الطعام ما يكفيني وما أربح.

{وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} الجدب والقحط.

وقيل: الغيب ها هنا: علم الساعة، وقيل: الغيب: الموت، والخير: العمل الصالح، وقيل: لو كنت أعلم الغيب الذي تسألونني عنه لاستكثرت من الخير، أي: لأخبرتكم عما سُئلت وما مسني السوء، أي: لم يلحقني تكذيب.

{إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ} للكافرين.

{وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)} أي: للمؤمنين.

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني آدم عليه السلام.

{وَجَعَلَ} وخلق (٩).


(١) قال في «اللسان» (حفا): (يقال: تحافينا إلى السلطان فرفعنا إلى القاضي، والقاضي يسمى الحافي).
(٢) قال النحاس في «إعراب القرآن» ٢/ ١٦٦: (يقال: أحفى في المسألة وفي الطلب فهو مُحْفي وحَفيّ، على التكثير، مثل: مُخْصِب وخَصِيب).
(٣) سقطت (أي) من (ب).
(٤) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ٣٩٣.
(٥) كلمة (به) لم ترد في (ب).
(٦) ذكره الثعلبي ٤/ ٣١٣ عن ابن عباس، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٣٨٨) عن الكلبي.
(٧) في (أ): (ضلالة).
(٨) في (ب): (أي لادخرت).
(٩) سقطت الواو في نسخة (ب).

<<  <   >  >>