للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١)} عالم بهم.

{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} ثم لتراخي الإيراث. وقيل: لتراخي الإخبار، واستعمل لفظ الميراث لأنه صار لهم كما يصير الميراث للورثة. وقيل: لأنه أعطاهم من غير مسألة ولا اكتساب (١).

وقيل: معناه: أخرناه (٢) إلى {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} وأنشد لعنترة (٣):

وأورثت سيفي عن حصين بن معقل ... إلى جده إني لثأري لطالب (٤).

أي: أخرت سيفي.

{الْكِتَابَ} قيل: هو القرآن (٥).

وقيل: الكتاب اسم الجنس، والمراد به: الكتب. (٦).


(١) انظر: النكت والعيون (٤/ ٤٧٢).
(٢) انظر: الكشف والبيان للثعلبي (٨/ ١٠٦)، قال "ومنه الميراث لأنه تأخر عن الميت".
(٣) عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد العبسي، من أشعر فرسان العرب، اجتمع في شبابه بامرئ القيس، وشهد حرب داحس والغبراء، قتله الأسد الرهيص.
انظر: طبقات فحول الشعراء (١/ ١٥٢).
(٤) لم أجد البيت في ديوان عنترة، وقد ذكره الثعلبي في الكشف والبيان (٨/ ١٠٦).
(٥) وفي معنى {أَوْرَثْنَا} قولان:
الأول: أعطينا، لأن الميراث عطاء، قاله مجاهد.
الثاني: أخَّرْنا، لأن الميراث يتأخر عن الميت، والمعنى: أخرنا القرآن عن الأمم السابقة وأعطيناه هذه الأمة إكراماً لها.
انظر: معالم التنزيل (٦/ ٤٢٠)، زاد المسير (٦/ ٤٨٨).
(٦) أي: الكتب المتقدمة التي أنزلها الله تعالى، ويكون معنى {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن عباس رضي الله عنه فيما أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٣٦٨) "هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله كل كتاب أنزله".

وبَيَّن ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٣٧٣) أن المراد أورثهم الإيمان بالكتب كلها، لأن جميعها الكتب تأمر باتباع القرآن، واستدل على صحة ما ذهب إليه بأن قال في الآية التي قبلها {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ} ثم أتبع ذلك قوله {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا} والميراث إنما هو انتقال معنى من قوم إلى آخرين، ولم تكن أمة على عهد نبينا صلى الله عليه وسلم انتقل إليهم كتاب من قوم كان قبلهم غير أمته.

<<  <   >  >>