للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} في السرعة. وقيل: تسير سيراً وسطاً (١)، من قول الأعشى (٢):

كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لاريث ولا عجل (٣).

وقيل: تجتمع وتسير بكثرتها فهي جامدة في رأي العين وتسير سير السحاب كالجيش إذا بعد ما بين طرفيه (٤).

وقيل: يحسبه الرائي لحيرته من هول ذلك اليوم واقفه وهي سائرة (٥).

وقيل: تحسبها جامدة في الدنيا وهي تمر في الآخرة مر السحاب (٦).

{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} أي: صنع الله ذلك صنعه فهو نصب على المصدر ودل على صنع ما قبله.

ومعنى {أَتْقَنَ} أحكم خلقه وهو مشتق من قول العرب: تقنوا أرضهم إذا أرسلوا فيها الماء الخاثر لتجود (٧)، والتَّقن: رسابة الماء في الغدير وهو الذي يجئ به الماء من الخُثُورة (٨).


(١) انظر: غرائب التفسير (٢/ ٨٥٩).
(٢) الأعشى الكبير، ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن ضبيع، يكنى أب بصير، ولد بقيرية باليمامة يقال لها منفوحة، وبها داره وقبره، يقال إنه كان نصرانياً، وهو أول من سأل بشعره، وفد إلى مكة يريد النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه أبو سفيان فأعطاه مائة من الإبل، فلما صار إلى بلدته رمى به بعيره فقتله.
انظر: طبقات فحول الشعراء للجمحي (١/ ٥٢).
(٣) انظر: ديوان الأعشى (٥٥) في قصيدته المشهورة التي مطلعها:
ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعاً أيها الرجل.
(٤) انظر: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (٦).
(٥) انظر: معالم التنزيل (٦/ ١٨٣).
(٦) انظر: النكت والعيون (٤/ ٢٣٠).
(٧) في ب: " فتجود ".
(٨) التِّقْن: تُرْنوق البئر والدِّمن، وهو الطين الرقيق يخالطه حمأه، والتَّقْنة: رسابة الماء وخثارته، والتِّقْن: الطين الذي يذهب عنه الماء فيتشقق، وأتقن الشيء أَحْكَمَه.

انظر: لسان العرب (٢/ ٤٠)، مادة: تقن.

<<  <   >  >>