للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث حتى يقال بأنَّ ابن مسعود ترك الالتفات إليها هذا فضلًا عن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقرَّ ابن مسعود على اجتهاده هذا تمامًا إذ قال له: "تعال".

٣ - ما رُوي أن عبد اللَّه بن رواحة سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اجلسوا" فجلس بالطريق فمرّ به -صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما شأنك" فقال: سمعتك تقول: "اجلسوا" فقال له: "زادك اللَّه طاعة" (١).

ووجه دلالة هذا الحديث على اتباع الظاهر دون الالتفات إلى العلة كهي في الحديث السابق مع مزيد وضوح لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أثنى على اجتهاد عبد اللَّه بن رواحة هذا بخلاف ما سبق من اجتهاد ابن مسعود.

ويرد على هذا الحديث أنه ليس في كتب السنة المشهورة وإنما عزاه صاحب كنز العمال إلى ابن عساكر والديلمي والعزو إلى هذين المصدرين وحدهما مشعر بضعف الحديث لاسيما وقد ذكر المتقي الهندي صاحب الكنز في مقدمة كتابه أن ما عزاه إلى هذين المصدرين دون غيرهما من كتب السنة المشهورة فهو ضعيف (٢).

وأما أمثلة النوع الثاني - وهي الاجتهادات المبنية على التعليل ولم يقرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه عليها - فقد ذكر الشاطبي منها مثالًا واحدًا وهو:

١ - ما روي عن أبي سعيد بن المعلى -رضي الله عنه- أنه قال: "كنت أصلي فمر بي رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال: ما منعك أن تأتي؟ ألم يقل اللَّه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: ٢٤] " (٣).


(١) رواه ابن عساكر والديلمي، انظر: المتقي الهندي، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤٠٩ هـ، ج ١٣، ص ٤٥٠. وانظر: الشاطبي، الموافقات، ج ٣، ص ١٤٥.
(٢) انظر: المتقي الهندي، كنز العمال، ج ١، ص ١٠.
(٣) البخاري، الصحيح، حديث رقم (٤٦٤٧).

<<  <   >  >>