للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(واخْتَلَفُوا) أي: العُلَمَاءُ (هَلْ يُقْبَلُ) الرَّاوِي (الْمَجْهُولُ؟ وَهْوَ عَلَى) أقسامٍ (ثَلاَثَةٍ مَجْعُولُ):

الأَوَّلُ: (مَجْهُوْلُ عَينٍ)، وَهُوَ: (مَنْ لَهُ راوٍ) أي: مَنْ لَمْ يَروِ عَنْهُ إلاّ راوٍ (فَقَطْ)، وسمَّاه الرَّاوِي، كجَبَّارٍ الطائيِّ، وعبدِ اللهِ بنِ أعزَّ - بالزاي - فإنَّ كلاً مِنْهُمَا لَمْ يروِ عَنْهُ إلاّ أَبُو إسحاقَ السَّبِيْعِي (١).

(وَرَدَّه) أي: مَجْهُوْلَ العينِ (الأكثرُ) مِنَ العلماءِ، فَلا يقبلونه مطلقاً، وَهُوَ الصَّحِيحُ، للإجماعِ عَلَى عَدمِ قبولِ غَيْرِ العَدْلِ، والْمَجْهُولُ لَيْسَ عدلاً، ولا فِي معناه فِي حصولِ الثقةِ بِهِ (٢).

ولأنَّ الفِسْقَ مانعٌ مِنَ القَبولِ كالصِّبا والكفرِ، فيكونُ الشَّكُّ فِيهِ مَانعاً مِن ذَلِكَ، كَمَا أنَّه فِيْهِمَا كَذلِكَ.

وَقِيلَ: يقبلُ مطلقاً (٣)، لقولِهِ تَعَالَى: {إنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوْا} (٤) أي: فتثبَّتوا، كَمَا قُرِئَ بِهِ فِي السبْعِ (٥).

فأوجَبَ التثبُّتَ عِنْدَ وجودِ الفِسْقِ، فعند (٦) عَدَمِهِ، لا يجبُ التثبُّتُ، فيجبُ العَمَلُ بقولهِ (٧).


(١) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٣٨ - ٣٩.
(٢) انظر: شرح التبصرة والتذكرة ٢/ ٣٧.
(٣) نقله أبو إسحاق الشيرازي في اللمع: ٤٦ عن أبي حنيفة وأصحابه، ونقله البلقيني في محاسن الاصطلاح: ٢٢٥ عن أبي حنيفة أيضاً. وقد أفاض النسفي في تعليل مذهب أبي حنيفة في قبول مثل هذا في كشف الأسرار ٢/ ٣٠، ولكن من يمعن النظر فيه يجد أن مذهب الحنفية يقيّد قبول ذلك في القرون الثلاثة الأولى الفاضلة؛ لأنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - شهد بخيريتهم حين قال: ((خير الناس قرني، ثمّ الذين يلونهم، ثمّ الذين يلونهم)). البخاري ٨/ ١١٣ (٦٤٢٩) فنسبة الإطلاق إلى أبي حنيفة وأصحابه خطأ.
(٤) سورة الحجرات: ٦.
(٥) انظر: معجم القراءات القرآنية ٦/ ٢٢٠.
(٦) في (م): ((وعند)).
(٧) انظر: فتح المغيث ١/ ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>