ثالثاً: ألا يتعدى في إعطاء الطعام ولا يختلس منه شيئاً فينبغي للمدعو أن لا يعطي من الطعام شيئاً إلا بإذن صاحب المنزل، أو إذا كان العرف يسمح بذلك، فمثلاً أحد الضيوف يتصرف في الطعام ويعطي هذا، ويعطي هذا إذا كان العرف يسمح بذلك فعله وإلا فلا يتصرف في الطعام، وإنما صاحب البيت هو الذي يتصرف، وينبغي له أن يحذر مما يفعله بعض من لا خير فيه من أنهم يأخذون بعض ما تيسر لهم أخذه فيختلسونه ويجعلونه تحتهم حتى إذا رجعوا إلى بيوتهم أخرجوه، وهذا من باب السرقة وأكل أموال الناس بالباطل.
قال ابن مفلح رحمه الله في الآداب الشرعية: وقالت الحنفية: يحرم رفع المائدة إلا بإذن صاحبها؛ لأنه مأذون بالأكل لا بالرفع.
ولو ناول الضيف لقمة من طعامٍ ضيفاً آخر؟ روي عن محمد أنه لا يحل للآخذ أن يأكل بل يضعه ثم يأكل من المائدة؛ لأن الضيف مأذون له بالأكل لا بالإعطاء.
وقال عامة مشايخهم: يحل له للعادة؛ لأن العادة جرت بأنه لا بأس للضيف أن يعطي ضيفاً آخر لأن العادة جرت بهذا، وكذا لو أعطى بعض الخدم القائمين على رأس المائدة جاز، ولا يجوز أن يعطي سائلاً ولا إنساناً دخل لحاجة؛ لأنه لا إذن فيه عادة، يعني: هو وضع الطعام، والضيف مأذون له بالأكل وليس أن يتصدق من مال المضيف وصاحب البيت على المحتاجين، هذا ما أذن له به فلا يتصرف فيه، وكذا لو ناول شيئاً من الخبز واللحم كلب صاحب البيت أو غيره لا يسعه، ولو ناوله الطعام والخبز المحترق وسعه؛ لأنه مأذون فيه عادةً، ما دام أنه شيء يزهد فيه بل ربما يرمى، إذاً يجوز أن يعطى مثل أن تأتي قطة فيأخذ عظماً أو شيئاً يسيراً جداً مما يرمى فيعطيها لا بأس به.