حشر فيلدنج مائة حدث، بأسلوب يوهم بأنه أسلوب قصص التشرد ذات الفصول المتتابعة في غير ترابط، ولكن القارئ سيدهشه أنه هو ثابر على القراءة إلى النهاية أن يجد أن هذه الأحداث كلها تقريباً ضرورية للحبكة البارعة، أو لعرض الشخوص وتطويرها؛ وأن يجد الخيوط تحل والعقد تفك. والعديد من الأشخاص مرسومون في صورة مثالية، مثل أولورذي الذي يكاد يشبه جرانديسن، وبعضهم مبسطون تبسيطاً شديداً، مثل بلايفل الذي يكرهنا على احتقاره، أو القس نواكوم، المربي "الذي سيطرت العصا على أفكاره (٩٣) ". ولكن كثيراً منهم يظهر فيهم ماء الحياة، ومنهم سكواير وسترن "الذي يعتز ببنادقه وكلابه وخيله (٩٤) " أكثر من أس شيء في الدنيا، ثم تأتي زجاجة شرابه، ثم ابنته صوفيا الفريدة في بابها. هاهنا "كلاريسا" أخرى تعرف مسالكها بين فخاخ الرجال، وباملا أخرى تصيد رجلها دون أن تزعجها تجاربه الماضية قبل الزواج.
أما توم ففيه شيء من التحلل الجنسي، وفيما عدا ذلك فهو من أطيب أن يصلح للبقاء. تبناه أولورذي، وعلمه ثواكوم وأدبه بعصاه، فأدرك الرجولة القوية التي لا يكدر صفوها غير الخبثاء الذين يذكرونه بأصله الغامض. وهو يسطو على بستان فاكهة ويسرق بطة، ولكن أباه بالتبني يغتفر هذه الألاعيب جرياً على أفضل التقاليد الشكسبيرية. وتعجب به صوفيا وهو على بعد عفيف منه، ولكن توم، الشاعر بمولده غير الشرعي، لا يجرؤ إطلاقاً على الوقوع في حب سيدة تبعد عنه هذا البعد السحيق مكانة ومالاً. وهو يقنع بمولي سيجرم، ابنة حارس الصيد، ويعترف بأنه ربما كان أباً لطفلها، ويروح عنه كثيراً أن يجد أنه ليس إلا واحداً من عديدين يحتمل أن يكون أحدهم أباً للطفل. وتعانى صوفيا إذ تعلم بهذا الغرام الآثم، ولكن إعجابها بتوم لا يفتر إلا لحظة عابرة. وهو يمسك بها بين ذراعيه إذ تسقط من جوادها أثناء الصيد، ويشي احمرار وجهها بشعورها نحوه، فيسارع إلى مطارحتها الغرام. ولكن أباها، سكواير وسترن، كان قد هيأ جيبه لصفقة تزويجها من المستر بلايفل، وهو ابن أخت أولورذي الغني الذي لم يعقب، ووريثه الشرعي. وترفض صوفيا الزواج من هذا المنافق الشاب، ويصر أبوها، وتكد المعركة الناشبة بين إرادة الأب