للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نسبياً بين القدامى باعتبارها دين الصفوة. وفي هذه العقائد التوحيدية- اليهودية والمسيحية والإسلام- فصل الاستحقاق و "الخلاص" أكثر فأكثر عن الفضيلة، وربط بحفظ الشعائر والإيمان الأعمى. وترتب على هذا أن المتعلمين أصبحوا أما شهداء وأما منافقين، وبما أنهم قلّما اختاروا الاستشهاد، فإن حياة البشر لوثها النفاق وعدم الإخلاص.

على أن هيوم كان يغضي عن قدر من النفاق، وذلك في نوباته الأقل ولعاً بالقتال. مثال ذلك أنه حين استشاره قسيس شاب فقد إيمانه أيبقى في الكنيسة ويقبل وظائفها، أجاب ديفد، ابق:

"إن الوظائف المدنية الصالحة للمثقفين نادرة … ومن المغالاة في احترام العامة ونزعاتهم الخرافية أن يعتز المرء بإخلاصه معهم. فهل حدث مرة أن التزم إنسان بشرفه بأن يقول الصدق للأطفال أو المجانين؟ … والوظيفة الكنسية إنما تضيف القليل إلى الخداع أو قل التظاهر- البريء- الذي يبدونه يستحيل على المرء أن يشق طريقه في هذه الدنيا (١٢٦) ".

هـ- الشيوعية والديمقراطية

اتجه هيوم في أخريات عمره أكثر فأكثر إلى السياسة والتاريخ بعد أن أعياه الجدل حول مسائل يقررها الوجدان- في رأيه أكثر مما يقررها العقل. ففي ١٧٥٢ نشر "أحاديث سياسية". وقد أدهشته إقبال القراء عليها. وأبهج إنجلترا أن تنسي نزعته لاهوته المدمرة في النزعة المحافظة لسياسته.

كان يتعاطف بعض الشيء مع التطلعات إلى مساواة شيوعية:

"لا بد في الحق من الاعتراف بأن الطبيعة سخت على الإنسان سخاء يتيح لكل فرد أن يتمتع بجميع ضروريات الحياة، بل أكثر كمالياتها، لو أن عطاياها كلها قسمت بالقسط بين الأنواع، وحسنت