للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعل العالم كما أكد البراهمة "نشأ عن عنكبوت لا نهائي غزل خيوطه المعقدة كلها من أمعائه … فلم لا يغزل نسق منظم من البطن كما يغزل من الدماغ؟ (١٢٠) ". فتكون الخليقة والحالة هذه أنسالاً. أو ربما "كان العالم حيواناً والإله روح العالم التي تحركه وتتحرك به (١٢١) ".

وبعد هذا المزاح كله يعود فيلو إلى القصد، فيسلم بأن "علة النظام أو علله في الكون فيها على الأرجح بعض الشبه بالذكاء الإنساني (١٢٢) ". ثم يعتذر عن آرائه المخزية عن الكون:

"يجب أن أعترف أنني أقل حذراً في موضوع الدين الطبيعي مني في أي موضوع آخر … وأنك على الأخص يا كليانثيس، أنت الذي أعيش معه في علاقة حميمة بغير قيود، تدرك أنني رغم تحور حديثي، وحبي للحجج الغريبة، فليس هناك من طبع ذهنه بإحساس بالدين أعمق من إحساسي، أو من يعبد الكاهن الإلهي عبادة أعمق إذ يكتشف في نفسه أنه يناقش أساليب الطبيعة وحيلها التي لا يمكن تفسيرها. فالقصد، أو النية، أو التخطيط، يسترعي في كل مكان نظر أشد المفكرين غفلة وغباء، وما من رجل يمكن أن يتجمد في المذاهب الفلسفة السخيفة تجمداً يجعله يرفض هذا القصد على طول الخط (١٢٣) ".

على أن أصحاب هيوم ناشدوه ألا ينشر الحوارات رغم هذا العرض بالمصالحة. فأذعن، وحبس المخطوطة في مكتبه، فلم تر النور إلا في عام ١٧٩، بعد موته بثلاث سنوات. ولكن افتتانه بالدين أغراه بالعودة إلى الموضوع، وفي ١٧٥٧ نشر "أربع مقالات" تناولت إحداها "تاريخاً طبيعياً للدين". وسحب مقالين آخرين بناء على إلحاح ناشره، وقد طبعا حين كان أبعد من أن يناله خوف أو لوم؛ وأحد المقالين عن الخلود، والآخر تبرير للانتحار حين يصبح الشخص عبئاً على إخوانه.