التي نستشعرها في مثل هذه الأفعال، في رأي هيوم، ليست سبباً لها بل مرافقاً ونتيجة لها؛ أما الأفعال ذاتها فهي عملية من عمليات غرائزنا الاجتماعية (١٠٨).
ولكن أبرز ملامح هذا التحقيق الثاني هو تفصيله لمبدأ منفعة أخلاقي. فبعد هتشسن بثلاثة وعشرين عاماً، وقبل بنتام بثمانية وثلاثين، عرف هيوم الفضيلة بأنها "كل صفة في العقل نافعة أو لذيذة للشخص نفسه أو لغيره (١٠٩) ". وعلى هذا الأساس برر الذات الصحية للحياة باعتبارها نافعة للفرد، والمعيار المزدوج للفضيلة باعتباره نافعاً للمجتمع. يقول:
"إن طفولة الإنسان الطويلة العاجزة تقتضي تضافر الوالدين للإبقاء على حياة صغارهما، وهذا التضافر يحتاج إلى فضيلة العفة أو الوفاء للفراش الزوجي .. والخيانة من هذا النوع أشد أذى في المرأة منها في الرجل. ومن ثم كانت قوانين العفة أشد صرامة على أحد الجنسين منها على الآخر (١١٠) ".
وقد كتب المؤلف المفتون بكتابه عن هذا التحقيق في مبادئ الأخلاق يقول:"في رأيي (أنا الذي ينبغي ألا أكون حكماً في هذا الموضوع) أنه من بين جميع مؤلفاتي .. .. أفضلها بما لا يقاس" وأضاف "لقد ولد غير ملحوظ ولا مرموق في هذه الدنيا (١١١) ".
د- الداروينية والمسيحية
وفي ١٧٥١ ألف "حوارات في الدين الطبيعي". وهو أشد ما أخرج مزاجه الشيطاني تخريباً وعدواناً على المقدسات. هنا يتحدث ثلاثة أشخاص، ديميا الذي يدافع عن السنية، وكليانثيس الربوبي، وفيلو الذي هو هيوم لا يخطئه النظر. ويزعم ديميا أنه ما لم نفترض وجود عقل أعلى وراء ظواهر الطبيعة فإن العالم يصبح غير مفهوم إلى