للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهمجية، … ومن الغريب أن مثل هذه العجائب لا تحدث أبداً في أيامنا. ولكن لا غرابة … في أن يكذب الناس في جميع العصور (١٠٦) ".

واسترسل هيوم في ادعاء عقبات أخرى في طريق الإيمان المسيحي: حياد الطبيعة الهادئ إزاء الإنسان ومنافسيه على الأرض؛ وتنوع الشرور المتكاثر في الحياة والتاريخ؛ ومسئولية الله الواضحة عن خطيئة آدم، وعن جميع الخطايا، في عالم لا يمكن أن يقع فيه شيء- طبقاً لفرض المسيحي- إلا برضي الله. ودرءاً لتهمة الكفر عنه، أجرى هيوم على لسان "صديق يحب المفارقات الشكية" "لا أستطيع أبداً الموافقة" على مبادئه، دفاعاً عن تخيل أبيقور أن الآلهة موجودة ولكنها لا تعبأ بالبشر. ويتساءل الصديق لم لا يمكن أن يتفق الدين والفلسفة على ألا يزعج أحدهما الآخر كما اتفقا- فيما يظن- في الحضارة الهلنستية:

"بعد أن انتهى الفزَع الأول الذي نجم عن مفارقات ومبادئ الفلاسفة الجديدة، يبدو أن هؤلاء المعلمين عاشوا طوال العصور القديمة في انسجام عظيم من الخرافة المقررة، وقسموا البشر قسمة عادلة بينهما: فالقسم الأول يدعى لنفسه جميع العلماء والحكماء، والثاني جميع السوقة والأميين (١٠٧) ".

فيا له من أسلوب للمهادنة!

وفي ١٧٤٩ عاد هيوم إلى إسكتلندة ليعيش مع أخيه وأخته في ضيعتهما بناينويلز. وبعد عامين تزوج جون هيوم، وانتقل ديفيد إلى أدنبرة، وأرسل إلى المطبعة الآن "التحقيق في مبادئ الأخلاق" الذي أما أن يحل محل المجلد الثالث من الرسالة، وأكد من جديد أن الحس الأخلاقي مشتق ن التعاطف أو المشاعر الاجتماعية؛ ورفض ما ذهب إليه سقراط من أن الفضيلة والذكاء شيء واحد؛ واستنكر استنكاراً قاطعاً فكرة لأرشفوكو القائلة بأن الأفعال "الغيرية" مدفوعة أنانياً بأمل اللذة الحاصلة من التقدير الاجتماعي الذي يتوقع أن تحظى به. فاللذة