للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعون دلوًا" (١).

قال أبو محمد: فاعجبوا لهذه الفضائح، عليٌّ يقول في الفأرة تنزح البئر، ولم يشترط انتفاخًا ولا انفساخًا، وإبراهيم يقول: "أربعون دلوًا"، ولا يشترط انتفاخًا، ولا انفساخًا، والشعبيُّ يقول في الطير ونحوه: "أربعون دلوًا"، ولا يشترط انفساخًا ولا انتفاخًا، والعصفور طير، وأبو حنيفة وصاحباه لا يرون في ذلك إلا عشرين دلوًا، والنزح في الانتفاخ والانفساخ (٢)، فهل ههنا للحياء مدخل، أو للتقوى وُلوجٌ؟ ! اللهم إنا نسألك العافية.

فإن قالوا: إنما أردنا باحتجاجنا بهم أنهم رأوا البئر تطهر بنزح بعضها، قلنا: لئن لم يكن تحديدهم لما ينزح منها حجة عندهم، فما قولكم في أنها تطهر بنزح بعضها إلا كتحديدهم، ولا فَرْقَ، والتَّحكمُ بالباطل لا معنى له.


= طبقات ابن سعد (ج ٦/ ص ٢٧٠) وتاريخ البخاري (ج ١ / ص ٣٣٣) والجمع بين رجال الصحيحين (ج ١ / ص ١٨) وتذكرة الحفاظ (ج ١ / ص ٧٣ - ٧٤).
(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (ج ١ / ص ١٧) بهذا السند، وأخرجه البيهقي في معرفة السنن (ج ١ / ص ٣٣٥) من غير هذه الطريق.
(٢) مذهب أبي حنيفة وصاحبيه في: تحفة الفقهاء (ج ٢/ ص ٦٠ - ٦٢) وتبيين الحقائق (ج ١ / ص ٢٨ و ٢٩) والمحلى (ج ١ / ص ١٤٤) وقال المؤلف هناك بعد أن حكى أقوال أبي حنيفة والصاحبين: " .... وهذه أقوال لو تتبع ما فيها من التخليط لقام في بيان ذلك سفر ضخم، إذ كل فصل منها مصيبة في التحكم والفساد والتناقض، وأنها أقوال لم يَقُلْهَا قط أحد قبلهم، ولا لها حظ من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ولا من قياس يعقل، ولا من رأي سديد ولا من باطل مطرد، ولكن من باطل متخاذل في غاية السخافة .... ".