للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمسألة فيها مذاهب:

أرجحها: أنه لا يفيد العلم إلا إذا انضم إليه قرائن يَقطع السامع مع وجودها بصدق الخبر، كإخبار مَلِك عن موت ولده المريض عنده مع قرينة البكاء وإحضار الكفن وآلات الدفن ونحو ذلك، وأما تجويز أن يكون قد أغمي عليه فلا يقدح في المسألة، بل في المقال، فيضيق الفرض فيه بما يمنع الحمل على الإغماء من قرينة أخرى.

وإنما مرَدُّ القرائن إلى ما يحصُل معه القطْع؛ إذ منها ما لا يعبر عنه كما يظهر بِوَجْه الخجِل والوَجِل؛ ولهذا قال المازري: إن القرائن لا يمكن أن تضبَط بعبارة.

وقال غيره: يمكن أن تضبط بما تسكن إليه النفْس، كالسكن للمتواتر أو قريب منه بحيث لايبقى فيه احتمال عنده.

ومن القرائن المفيدة للقطع: نحو الإخبار بحضرته - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكره، أو بحضرة جمعٍ يستحيل تواطؤهم على الكذب، أو تتلقاه الأُمة بالقبول - على رأي ابن الصلاح حيث قال: (إن ما في صحيحي البخاري ومسلم أو أحدهما مِن لازِم تَلَقِّي الأُمة له بالقبول اتفاق الأُمة على صحته، فهو مقطوع بصحته، والعلم القطعي حاصل فيه، خلافًا لمن نفى ذلك محتجًّا بأنه لا يفيد. في أصله إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن، والظن قد يخطئ).

قال الشيخ: (وقد كنت أميل إلى هذا وأَحسبه قويًّا، ثم بان لي أن ما اخترته هو الصحيح؛ لأن ظن مَن هو معصوم مِن الخطأ لا يخطئ، والأُمة في إجماعها معصومة من الخطأ؛ ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حُجة مقطوعًا بها، وأكثر إجماعات العلماء كذلك) (١).

انتهى النووي: (إن الشيخ قد خالفه في ذلك المحققون والأكثرون، فقالوا: يفيد الظن ما لم


(١) مقدمة ابن الصلاح (ص ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>