عن الفرع، والثاني باطل؛ لأنَّ الفَرق مُلْغًى، فيلزم أنْ يكون محله المشترك؛ فيثبت الحكم في الفرع بالضرورة.
كأنْ يقول الحنفي: وجوب كفارة الإفطار له محَل، وهو إما خصوص الوقاع أو مُطْلَق المفَطِّر، والأول باطل؛ لأنَّ خصوص الوقاع مُلْغًى (كخصوص القتل بالسيف لوجوب القصاص)؛ فَتَعَيَّن الثاني؛ فتجب الكفارة على مَن أَفْطَر بالأكل.
فيُجاب بأنَّ الشارع رَتَّب على المركَّب؛ فلا يَلْزَم أنْ يثبت الحكم على الأَعَم.
وحاصله أنه لم يَقُم دليل على إلغاء الخصوص، والفرض أنَّ له مناسبة في الحكم، فلا يُلغى.
الضرب الثاني:
أنْ يدل لفظ ظاهر على التعليل بمجموع أوصاف، فيُحذف بعضها عن درجة الاعتبار إما لأنه طردي أو لثبوت الحكم على بقية الأوصاف بدونه، ويُناط بالباقي. فهو بمنزلة لفظ عام أُخرج بعضه وبُيِّن المراد به بالاجتهاد.
كَتَعَيُّن أوصاف في حديث الأعرابي: كَوْن المجامِع أعرابيًّا، وكونه زيدًا، وكون المجامَعة زوجة أو أَمة، أو في قُبُلها، وكَوْنه شَهْر تلك السَّنة. وَهِيَ كُلها مُلغاة؛ لأنها طَرْدِيَّة سِوَى الوقاع في نهار رمضان بجماع أفسد به آثمًا به لِذَاته. هذا على مذهبنا.
وأبو حنيفة ومالك يَلْغِيَان مع ذلك كَوْنه وقاعًا، ومَنَعَا إفساد صوم رمضان.
فإنْ قِيل: ما الفرق بين هذا وبين "السبر والتقسيم" وقد جعله الإمام منه؛ لكونه وُجِد منهما؟
قيل: لكن الفرق بينهما أن "السبر والتقسيم" لا بُدَّ فيه مِن تعيين الجامِع والاستدلال على العِلة، وأما هذا فلا يجب فيه تعيين العِلة، ولكن ضابطه أنه لا يحتاج إلى التعرض لِعِلة