فحاصل تفسير القاضي للشَّبَه أنه وَصْف مُقارِن للحكم مُناِسبٌ له بالتَّبع. أو يقال: مُستلْزِم لِمَا يناسبه. هذا ما نُقل عن القاضي، لكن الذي في "مختصر التقريب والإرشاد" أنَّ "قياس الشَّبَه" هو: إلحاق فرع بأصل؛ لكثرة أشباهه للأصل في الأوصاف مِن غَيْر أنْ يُعتقد أنَّ الأوصاف التي شابَهَ الفرعُ فيها الأصلَ عِلةُ حُكمِ الأصل.
الثالثة: أن الوصف الذي لا يناسب الحكم إنْ عُلِم اعتبار جنسه القريب في جنس الحكم القريب فهو "الشَّبه"؛ لأنه مِن حيث كونه غير مناسب يُظن عدم اعتباره، ومِن حيث إنه عُرِف تأثير جنسه القريب في الجنس القريب للحكم مع أنَّ غيره مِن الأوصاف ليس كذلك يُظَن أنه أَوْلَى بالاعتبار؛ فتَردَّد بين أن يكون معتبرًا أو لا.
وإنْ لم يُعْلم اعتبار جنسه القريب في الجنس القريب للحكم فهو الطرد.
مثال الشبه: إيجاب المهر بالخلوة على القول القديم للشافعي، فإنَّ الخلوة لا تناسب وجوب المهر؛ لأن وجوبه في مقابلة الوطء إلا أنَّ جنس هذا الوصف - وهو كون الخلوة مظنة الوطء - مُعتبَر في جنس الوجوب وهو الحكم بتحريم الخلوة بالأجنبية.
الرابعة: أنَّ "الشبه" هو: الوصف الذي لا تظهر فيه المناسبة بعد البحث التام، ولكن أُلِفَ مِن الشرع الالتفات إليه في بعض الأحكام، فهو دُون المناسب وفوق الطردي؛ فلذلك سُمي "شبهًا"؛ لِشبهِهِ لكل منهما.
وذلك كقول الشافعي في إزالة النجاسة: طهارة تُراد لأجل الصلاة، فلا تجوز بغير الماء، كطهارة الحدث. فإنَّ الجامع هو الطهارة، ومناسبتها لِتَعَيُّن الماء فيها بعد البحث التام غير ظاهرة. وبالنسبة إلى كون الشارع اعتبرها في بعض الأحكام -كمس المصحف والصلاة والطواف- يُوهِم اشتمالها على المناسب.