فهو بين المناسب والطردي، وهو معنى قولي:(بَيْنَ مُنَاسبٍ وَطَرْدٍ). أي: طردي. وإنما حذفت الياء منه مسامحةً؛ لأنه مُقابِل للمناسب، فيُعْلَم أنه طَرْدي، لا طرد. فإنَّ معنى "الطرد" بدون "ياء" سيأتي تفسيره بِغَير الطردِي. وسيأتي أيضًا تفسير "الطردي".
ومعنى قولي:(أَشْبَهَا) أي: أَشْبَه كُلًّا منهما.
والحاصل أن "الشَّبَه" مَنزله بين منزلتين، فهو يشبه المناسب الذاتي من حيث التفات الشرع إليه، ويُشبه الوصف الطردي مِن حيث إنه غير مناسب.
فهو يتميز عن "المناِسب" بأنه غير مناسب بالذات، وبأنَّ مناسبة المناسب عقلية وإنْ لم يَرِدْ شرْع، كالإسكار في التحريم، بخلاف الشَّبَه. ويتميز عن الطردي بأنَّ وجود الطردي كالعدم، بخلاف الشَّبَه، فإنه يُعتبر في بعض الأحكام. وسيتضح ذلك بالأمثلة.
الثانية: وبها قال القاضي أبو بكر وقضية ما في "البرهان" لإمام الحرمين: أنَّ الوصف المقارِن للحكم إنْ ناسَبَه بالذات فهو "مناسب"، كالسكْر للتحريم، أو بِالتبع -أيْ بالالتزام- فهو "الشَّبَه"، كالطهارة لاشتراط النية، فإنَّ الطهارة من حيث هي لا تناسب اشتراط النية، إنما تناسبه مِن حيث إنها عبادة.
فإن لم يناممبه مطلقًا فهو "الطرد"، وهو حُكم لا يعضده معنى ولا شَبَه، كقول بعضهم: الخل مائع لا تبنى القنطرة على جِنسه، فلا تُزال به النجاسة كالدهن. فكأنَّ عِلة إزالة النجاسة بالماء أنه تُبنى القنطرة على جِنسه. فالماء القليل وإنْ لم تُبْنَ عليه القنطرة لكن تُبْنَى على جنسه.
ونحو ذلك: قول مَن يرى طهورية [المستعمل](١): ما تُبنى القنطرة على جنسه فجازت الطهارة به؛ قياسًا على غير المستعمل. فبناء القنطرة في ذلك لا مناسبة فيه، ولا معنى له، بل