لَمَّا سبق أنَّ المناسب تثبت عِليته إذا اعتبره الشرع لا ما إذا ألغاه أو لم يعتبره ولم يَلْغِه، بينتُ هنا أنه هل تنخرم مناسبته بأنْ يشتمل على مفسدة معارِضة لِمَا فيه مِن المصلحة؛ أو لا؟
فقلتُ: إنها تنخرم في مَحَلَّين: أن تكون المفسدة راجحة على تلك المصلحة، أو مساوية. وهُما داخلان تحت قولي:(غَيْرَ رَاجِحِ التّنَاسُبِ). أي: أما إذا كانت المصلحة التي في "المناسب" راجحة على المفسدة، فلا خلاف أنها لا تنخرم، كما لو لم تكن مفسدة أصلًا.
والانخرام بالمفسدة الراجحة والمساوِية هو ما اختاره ابن الحاجب والصفي الهندي من المذهبين في المسألة، وهو الراجح. والإمام الرازي وأتباعه - كالبيضاوي - رجحوا الثاني، وهو عدم انخرام المناسبة بذلك.