للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بواسطة العادة التي أجراها الله تعالى.

وقولي: (عَلَى الَّذِي يُذْكَرُ في التَّفْصِيلِ) أي: على ما سيأتي تفصيله في "الملائمة" أنها إما لجلب مصلحة أو دفع مفسدة، وإما بأنها ضروري أو حاجي أو تحسيني ونحو ذلك مما يأتي موضحًا مفصلًا. وهذا التعريف جارٍ على طريقة مَن [لا] (١) يُعَلِّل أفعال الله بالمصالح، أيْ بمراعاة المصالح للعباد تَفَضُّلًا وإحسانًا، لا لِزُومًا كما تقوله المعتزلة.

وعلى هذا يُحمل قول ابن الحاجب في تعريف "المناسب": (إنه وصف ظاهر منضبط يحصل عَقْلًا مِن ترتيب الحكم عليه ما يَصْلُح أن يكون مقصودًا مِن حصول منفعة أو دَفْع مفسد) (٢).

فلم يجعله مُحَصِّلًا لذلك، بل إنه بحيث يحصل به ذلك وإنْ لم يذكر في قوله: (يحصل): "بحيث يحصل" كما هي عبارة الآمدي. لكنها مرادهما فيما يظهر؛ لقولهما: (ما يصلح أن يكون مقصودًا)، ولم يقولا: (ما قُصِد به حصول منفعة).

ولو لم يحمل كلامهما على ذلك، لَزِم أنْ يَعْتَبِرَا في ماهية "المناسبة" ما هو خارج عنها وهو اقتران الحكم بالوصف، فإنه خارج، بدليل قولنا: (المناسبة مع الاقتران دليل العلة). فالمقارنة قَيْد في اعتبار المناسب عِلة، لا في تحقيق ماهيته.

وكذلك ترتيب الحكم على وَفْقه في الشرع زائد على ماهية "المناسب".

واحترز بِـ "صلاحية أن يكون مقصودًا" عن: الوصف المستبقى في السبر، والمدار في الدوران، وغير ذلك.

وليس هذا مغايرًا للتعريف الأول، بل هو بهذا التقدير يكون بسطًا له وإيضاحًا. وإنْ


(١) ليس في (ت).
(٢) مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل (٢/ ١٠٨٥)، الناشر: دار ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>