قال: وسِر مذهبه إنكار التعلق في مثل ذلك بالظواهر مع أن المطلوب فيه القطع، وهذا هو الحقُّ المبين. ولم يمنع من الظواهر في مظان الظنون.
ولهذا حكى الصيرفي عن الأشعري أنه يقول بالصيغ كالشافعي كما سبق، ومراده من حيث الظن، والوقف من حيث القطع، فلا منافاة بين النقلين.
الثالث:
في إثبات صيغ العموم بحث ذكره القرافي (في بعض كتبه) يظهر منه أنَّ مُسمى العموم في غاية الغموض، وهو أن صيغة العموم بين أفرادها قَدْر مشترك، ولكل فرد منها خصوص يختص به، كـ"المشركين" مثلًا اشتركوا في الشرك، وامتاز هذا بِطُولِه أو قصره، وهذا بسواده أو بياضه، إلى غير ذلك من أنواع التمييز، فالصيغة إما أن تكون موضوعة للقدر المشترك بينها أو لخصوصياتها أو للقدر المشترك بقيد العدد أو بقيد سلب النهاية أو لمجموع الأفراد أو للمجموع المركب من القدر المشترك والخصوصيات، فهذه احتمالات ستة، لا يصح تنزيله على واحد منها.
أما الأول: فلأنه يلزم أن يكون العموم متواطئًا، وذلك هو المطلق الذي عمومه عموم بدل، لا شمول.
الثاني: ظاهر البطلان؛ لأن العموم لم يوضع لكل فرد منها بحسب خصوصياته وإلا لَزِم أن تكون صيغة العموم مشتركة اشتراكًا لفظيًا بين الأفراد الداخلة تحته.
وكذلك القول في الاحتمال الأخير وهو أن تكون موضوعة للمشترك مع الخصوص في كل فرد؛ لأنه يلزم منه أن يكون اللفظ موضوعًا لحقائق غير مختلفة متناهية، ويستحيل أن تكون مشتركة اشتراكًا لفظيًا بين أفراد ومسميات غير متناهية.