الثانية وإليها جنح كثير من المتأخرين كالآمدي والأصفهاني في شرح "المحصول" والقرافي وغيرهم: أن العام في الأشخاص ليس عامًّا في الأربعة؛ لأن العام في شيء بلفظ لا يكون عامًّا في غيره إلا بلفظ يدل عليه، بل مطلق. فإذا قال {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ٥]، عَمَّ كل مشرك، ولا يَعُم كل حال حتى يقتل في حال الهدنة أو الذمة أو نحو ذلك، لكن قيل: إنَّ في هذه الآية دليلًا على أنه مُطلق في غير الأشخاص، لا عام؛ لأنه قال:{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}[البقرة: ١٩١]، ولو كان عامًّا لكان ذكر العموم في "حيث" في الزمان تكرارًا.
نعم، بعد أنْ اختارها القرافي وقررها شكك عليها بأنه يَلزم عليها عدم العمل بجميع العمومات في هذا الزمان؛ لأنه قد عُمل بها في زمنٍ ما، والمطلَق يخرج عن عُهدة العمل به بِصُورَةٍ.
وأجاب عن ذلك الشيخ علاء الدين الباجي -فيما نقله الشيخ تقي الدين السبكي في كتاب "أحكام كُل"- بأن المراد بكونه مطلقًا في الأحوال والأزمنة والبقاع باعتبار الأشخاص الذين عُمل به فيهم، لا باعتبار أشخاص آخَرين، حتى إذا عُمل به في شخص في حالة ما في مكان ما، لا يُعمل به فيه مرة أخرى. أما في شخص آخَر فيُعمل به فيه وإلا يلزم التخصيص في الأشخاص، فالتوفية بالإطلاق أن لا يتكرر ذلك الحكم، فإذا جُلد زانٍ، لا يُجلد ثانيًا إلا بزنًا آخَر. وبه ينجمع كلام مَن قال:"مُطْلَق" ومَن قال: "عام".
وكذا أجاب الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام"، وقال في "شرح العمدة" في حديث أبي أيوب الأنصاري: "ثم قدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بُنيت قِبل