للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمنسوب للحنفية أنَّ دلالة العام على كل فرد منه قطعية، ولكن ذلك إنما قال به جمهورهم، ومنهم صاحب "اللباب" وأبو زيد الدبوسي وغيرهم، وإلَّا فقال بمثل قولنا: (إنها ظنية) أبو منصور الماتريدي ومَن تبعه من مشايخ سمرقند.

نعم، عَزى الأبياري في "شرح البرهان" كونها قطعية إلى المعتزلة، قال: (لاعتقادهم استحالة تأخير البيان عن وقت الخطاب، فلو لم يُرَد عمومه، لَزِمَ تأخير البيان) (١).

ونقل هذا القول الأستاذ أبو منصور عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة، وكذا نقله الغزالي في "المنخول". ولكنه خلاف المشهور عن الشافعي الذي نقله إمام الحرمين وابن القشيري وغيرهما.

وكأنَّ مَن نقل عنه القطع توهَّمه من إطلاقه أنه نَص في الأفراد، وهو إنما يريد بالنصوصية -في الغالب- ما يكون ظاهرًا في الدلالة بحيث يكون الاحتمال فيه ضعيفًا.

ولهذا أنكر إلْكِيَا في"التلويح" على مَن نقل ذلك عن الشافعي، فقال: هذا لم يصح عنه، فالحقُّ غيره.

وعبارة إمام الحرمين في "البرهان": (أما الفقهاء فقد قال جماهيرهم: إن الصِّيَغ الموضوعة للجمع نصوص في الأقل، ظواهر فيما زاد عليه. والذي صح عندي من مذهب الشافعي أن الصيغة العامة لو صح تجردها عن القرائن، لكانت نصًّا في الاستغراق) (٢).

قال: (وإنما التردد فيما عدا الأقل من جهة عدم القطع بانتهاء القرائن المخَصِّصة) (٣). انتهى


(١) التحقيق والبيان في شرح البرهان (١/ ٨٨١).
(٢) البرهان (١/ ٢٢١).
(٣) البرهان في أصول الفقه (١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>