للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والمنع فيهما هو العتمد من الخلاف. وقال أبو بكر الصيرفي: إنه أَنْظَر القولين. وابن فورك: إنه الأصح.

وقال الشيخ أبو إسحاق وابن السمعاني والشيخ أبو حامد وسليم وإلْكِيَا: إنه الصحيح كما في الأمر المطلق. ونقله في "المعتمد" عن أكثر الفقهاء، وقال صاحب "المصادر": وهو قول أبي حنيفة. وقال السرخسي من الحنفية: إنه المذهب الصحيح. ونقله القاضي عبد الوهاب في "الملخص" عن أكثر الفقهاء من المالكية والشافعية والأصوليين، وربما نُسِب للشافعي.

واختار هذا القول أيضًا الآمدي وابن الحاجب، لكنهما والهندي حرروا محل النزاع أنه في غير المعَلَّق بما ثبت كونه عِلة للمأمور به، أما المعلق بذلك فيتكرر بتكرره اتفاقًا، لكن هذا التكرر هو أنه كُلما وُجِدت العِلة وُجِد الحكم، لا أنه إذا وُجِدت العلة يتكرر الفعل به حتى لو قال: (اجلد الزاني)، أو: (مَن زنا فاجلده)، فَزَنَا، جُلِدَ، ثم لا يُعاد الجلد.

ومحل الخلاف إنما هو هذا، لا التكرار الأول؛ فلهذا أطلقتُ في النظم أن الأمر به لا يقتضي التكرار.

وقد سبقهم إلى حكاية الاتفاق في صورة العلة القاضي في "التقريب" وابن السمعاني، ولكن صاحب "المحصول" وأتباعه أطلقوا الخلاف.

ووفَّقَ بعضهم بين الطريقين بأن الإمام لَعَلَّه نَصَب الخلاف مع من يُنكر اقتضاء تَرَتُّب الحكم على الوصف عِلِّيَّة ذلك الوصف (١)، والجماعة نَصبُوه مع القائلين باقتضائه العِلِّيَّة.

قلتُ: وفيه نظر؛ فإن الإمام وأتباعه قالوا: إن الراجح أنه لا يقتضيه لفظًا، ولكن يقتضيه قياسًا؛ لأن المعلول يتكرر بتكرر عِلته.


(١) يعني: تَرتُّب الحكم على الوصف يقتضي عِلِّيَّة ذلك الوصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>