للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وابن برهان في "الأوسط" عن أكثر أصحابنا وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء، وحكاه الشيخ أبو إسحاق عن اختيار شيخه القاضي أبي الطيب، ونقله عبد الوهاب عن أصحاب مالك، ونقله صاحب "المصادر" عن شيوخ المعتزلة وأبي الحسن الكرخي.

قيل: والنّقَلة لهذا عن أصحابنا لا يفرقون بينه وبين القول الأول المختار، وإنما غرضهم بذكر المرة نفيُ التكرار والخروج عن العهدة بالمرة؛ ولذلك لم يجمع أحد منهم بين القولين، بل يقتصرون على هذا؛ لأن عندهم أنه عَيْن الأول، فهو اختلاف في العبارة وإن كانا مختلفين في طريق الدلالة: هل هو بالمطابقة؟ أو بالالتزام؟ ولا تظهر له ثمرة في الأحكام.

وعلى هذا القول: هل يحتمل التكرار؟ أو لا؟ فيه ما سبق، وقد فَرَّعه ابن الحاجب على هذا، لأنا بَيَّنا أنهما في المعنى سواء.

والمذهب الثالث: أنه يقتضي التكرار مُدة العُمر فيما يمكن؛ ليخرج أوقات ضروريات الإنسان من أكل وشرب ونوم ونحو ذلك.

وهل يتقيد بما لا بُدَّ منه؟ أو بأوسع من ذلك باعتبار العادة؟

الظاهر هذا كما اقتضاه كلام ابن السمعاني من أنه لا بُدَّ من استئناء شيء وراء الإمكان باتفاق وإنْ أَطلق غيْرُه الإمكان.

وبالجملة فهذا القول قال به الأستاذ أبو إسحاق والشيخ أبو حاتم القزويني وغيرهما من أئمتنا، ونقله الشيخ أبو إسحاق عن القاضي أبي بكر، ونقل الأصفهاني أن العالمي نقله عن أكثر الشافعية، وحكاه شمس الأئمة السرخسي عن المزني، ونقله في "المنخول" عن أبي حنيفة والمعتزلة، ونقله الباجي عن ابن خويز منداد، وحكاه ابن القصار عن مالك، وأبو الخطاب الحنبلي عن شيخه.

والمراد بالتكرار: فِعل مِثل الأول، لا الأول بِعَيْنه، لأن ذلك محُال كما قرر ذلك الصفى

<<  <  ج: ص:  >  >>