الثالث: ورود الصيغة للإباحة، وقد مَثَّله بعضهم بقوله تعالى لأهل الجنة:{كُلُوا وَاشْرَبُوا}[الطور: ١٩]، فقال الجبائي: هو إباحة ولا يريده القديم تعالى ولا يَكرهه.
وقال أبو هاشم: يجوز أن يريده؛ لِمَا فيه من زيادة السرور للمُثاب.
وقال القاضي عبد الجبار: يجب أن يريده؛ لأن الثواب لا يصح إلا بها.
ومرادهم بإرادته [تَحَتُّم](١) وقوعه على قواعدهم في الاعتزال، والحقُّ خِلاف ذلك.
ولا يصح التمثيل للإباحة بذلك؛ لأن الإباحة من الأحكام التكليفية كما سبق بيانه، وهي مرفوعة في الآخِرة؛ لأنها دار الجزاء.
ومَثَّل بعضهم بقوله تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}[الأعراف: ٣١].
وقد سمَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك أمرًا، فقال: "إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال:{يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[المؤمنون: ٥١]، وقال: {يَاأَيُّهَا