للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا اختلف الصحابة على قولين؛ لم يكن لمن بعدهم إحداث قول ثالثٍ عند عامة العلماء، فإنَّ إحداثَ قول ثالث كإحداث قول ثانٍ، إذ كان الصواب لا يخرج عن أقاويل الصحابة (١)؛ ولهذا قال أحمد بن حنبل: (يلزم مَنْ قال: يخرج من أقاويلهم إذا اختلفوا: أَنْ يخرج من أقاويلهم إذا اجتمعوا) (٢).

وقال ــ أيضًا ــ: (إذا اختلف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَخَيَّرَ من أقاويلهم [٢١٠/ أ] ولا يخرج عن قولهم إلى مَنْ بعدهم) (٣)، وهذا قول عامة العلماء، وإنما نازع في ذلك شذوذ.

وحينئذٍ؛ فإذا لم يكن للصحابة إلا قولان، قول بلزوم العتق والنذر وقول بتكفيرهما جميعًا، والرواية بلزومهما متروكة باتفاق التابعين بعدهم = تعين أَنْ يكون القول بتكفيرهما هو القول الصواب، لئلا يلزم اتفاق الصحابة أو التابعين على الخطأ، فإنه إِنْ كان الصواب حديث عثمان بن حاضر، وقد


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٥٩) (١٥/ ٩٥) (٢١/ ٢٩١) (٢٧/ ٢٠٨) (٣٤/ ١٢٥)، الفتاوى الكبرى (٦/ ٤٩٨) (٦/ ٥٢٤)، مختصر الفتاوى المصرية (ص ٦٢٥)، شرح عمدة الفقه (١/ ٣٣٣)، تنبيه الرجل العاقل (٢/ ٦٠٩ وما بعدها).
(٢) نصَّ على ذلك في رواية عبد الله وأبي الحارث؛ كما نقله أبو يعلى في العدة (٤/ ١٠٥٩) (٤/ ١١١٣)، والمسودة (٢/ ٦١٦).
وقريب منه ما ذكره صالح في مسائله (٢/ ١٦٥).
(٣) نصَّ على ذلك في رواية الأثرم؛ كما نقله أبو يعلى في العدة (٤/ ١١١٣).
وروى الخطيب البغدادي في الفقه والمتفقه (١/ ٥٣٤)، وابن الجوزي في تعظيم الفتيا (ص ٦٧) عن الأثرم هذا الأمر من فعل الإمام أحمد.