للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ــ تعالى ــ كما يوجبها في نذر اللجاج والغضب، وكما يوجبها في تحريم أمته، وكما ذكر أصحابه ــ رحمة الله عليهم ــ إيجابها فيما إذا قال: إِنْ فعلت كذا فعليَّ أَنْ أُطَلِّق امرأتي، وفيما إذا قصد بالنذر اليمين فقال: عليَّ أَنْ أشرب أو أقتل فلانًا = فذكر الخراسانيون أَنَّ عليه كفارة يمين، فهو الذي اشترط من بين الأئمة أَنْ تكون اليمين المكفَّرة بصريح اسم الله، وجعل العلة انتهاك حرمة الاسم [١٤٥/ أ] المعظَّم، ومع هذا فجعل هذا الوصف عديم التأثير، فأوجب الكفارة ــ كفارة اليمين ــ في غير موضع بدون هذا.

= فتبيَّن أَنَّ جَعْلَ كفارة اليمين مختصةً بهذا خلافُ إجماعِ الأئمة، بل خلاف إجماع الأمة، وهو خلاف نص الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه قال: «كفارة النذر كفارة يمين» (١) فأوجب فيه كفارة يمين وإن لم يذكر هناك اسمٌ معظَّمٌ.

وأيضًا؛ فنحن نُسَلِّم أنه إذا انتهك حرمة الاسم المعظَّم بالحنث كان عليه كفارة يمين؛ لكن لخصوص انتهاك حرمة الاسم، أو لِمَا في ذلك من انتهاك حرمة المسمى؟

ومعلوم أَنَّ الاسم إنما صار له حرمة لحرمة المسمى سبحانه، فإنَّ هذا هو المقصود الأصلي، وانتهاك حرمة الاسم تابعة له (٢).

ولهذا كان الذي أفتى به الصحابة - رضي الله عنهم - وهو قول الأكثرين أنه إذا قال: إِنْ فعلتُ كذا فأنا يهودي أو نصراني وحنث= أنه يلزمه الكفارة، لأنه لما التزم الكفر عند الحنث ــ وفي الكفر من انتهاك حرمة الإيمان بالله أعظم


(١) تقدم تخريجه في (ص ٩٢)، وهو في صحيح مسلم.
(٢) قاعدة العقود (١/ ١٨١ - ١٨٢)، زاد المعاد (٥/ ٣١٦).