للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالعتق يلزمون بالطلاق.

ومعلومٌ أنه لم ينقل عن ابن عباس ولا عائشة ولا حفصة - رضي الله عنهم - ولا غيرهم ممن أفتى بتكفير العتق والنذر حرفٌ واحد بوقوع الطلاق المحلوف به، بل المنقول عنهم يقتضي عمومُهُ وتعليلُهُ أنه لا يقع طلاق محلوف به كما ذكرناه عن ابن عباس، وكما نقل عن عائشة - رضي الله عنها - مِنْ جعلها التعليق الذي يقصد به اليمين يمينًا، وما نقل عنها من أنها قالت: كُلُّ يمينٍ ــ وإِنْ عَظُمَتْ ــ فكفارتها كفارة يمين بالله تعالى (١).

وأما ابن عمر - رضي الله عنهما - فقد ثبت عنه ما يناقض ما نقله عنه عثمان بن حاضر ــ أيضًا ــ، وأنه جعل التعليق الذي يقصد به اليمين يمينًا مُكفَّرة، وهذا في العتق أثبت عنه من ابن عباس؛ فإنَّ جميع الرواة الذين نقلوا حديث ليلى بنت العجماء ذكروا فيه أن ابن عمر كان من المفتين لها بعدم اللزوم، وأما ابن عباس فإنما ذكر من طريق أشعث بن عبد الملك الحمراني.

وابن عمر (٢) قد روي عنه ــ من غير طريق عثمان بن حاضر ــ من طريق


(١) لم أجده مسندًا، وقد ذكره المجيب - رحمه الله - في مجموع الفتاوى (٣٣/ ٦١، ٢٠٧)، الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٣٦).
وقال الباجي في المنتقى (٣/ ٢٥٢): (وهذه الرواية لا تصح عن عائشة فيما عَلِمْت، ولو صَحَّتْ لجازَ أَنْ يَلحقها التخصيص، أو يكون رأيًا رأته لم توافق عليه).
(٢) في الأصل: (ابن عباس)، وكتب الناسخ في الهامش: (أظنه: ابن عمر). ولعل ما ظنه الناسخ هو الأقرب، لأن الكلام في سياق ما ورد عن ابن عمر، كما أنَّ سالمًا هو المعروف بالرواية عن ابن عمر لا عن ابن عباس، والمجيب في عدة مواضع يشير إلى أنَّ ابن عمر ورد عنه ثلاث روايات، وسيأتي قريبًا قوله: (ثم إنَّ أبا حامد ذكر رواية عثمان بن حاضر ... ) إلخ.