للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب والسنة؛ وهي الصفات التي عَلَّقَ الشارع بها الأحكام، ولهذا يقول (١) [٣٠/ ب] الفقهاء: هذا وَصْفٌ شَهِدَ له الشرعُ بالاعتبار، وهذا وَصْفٌ شَهِدَ له بالإلغاء والإهدار، وتكلم كثيرٌ منهم في المناسب المرسل والمصالح المرسلة هل يجوز تعليق الأحكام بها أم لا؟ بناءً على اعتقادهم أن في الوجود مناسبًا ومصالحَ (٢) لم يعتبرها الشرع ولم يلغها؛ وهذا غلط، فليس في الوجود وصف يظن أنه مناسب أو مصلحة إلا والشارع قد اعتبره أو أهدره (٣).

وقد بَيَّنَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - جميع الدين وما تعلق به الشرع من الأوصاف، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك» (٤)، وقد قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ


(١) الكلمة غير واضحة، ولعلها ما أثبت.
(٢) في الأصل: (ومصالحًا)، والجادة ما أثبتُّ.
(٣) مجموع الفتاوى (١١/ ٣٤٢ - ٣٤٤)، مجموعة الرسائل والمسائل (٥/ ٢٢)، جامع المسائل (٢/ ١٩٢)، (٤/ ٤٦)، قاعدة في المحبة (ص ٨١). وانظر ما سيأتي (ص ٨٠٧).
(٤) أخرجه أحمد (٢٨/ ٣٦٧/ رقم ١٧١٤٢)، وابن ماجه (٤٣) وغيرهما من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه -.
وصححه الحاكم (١/ ١٧٥)، وقال أبو نعيم في مستخرجه (١/ ٣٦): وهذا حديث جيد من صحيح حديث الشاميين، وهو وإنْ تركه الإمامان محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج فليس ذلك من جهة إنكار منهما له، فإنهما ــ رحمهما الله ــ قد تركا كثيرًا مما هو بشرطهما أولى وإلى طريقتهما أقرب، وقد روى هذا الحديث عن العرباض بن سارية ثلاثة من تابعي الشام معروفين مشهورين: عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر ويحيى بن أبي المطاع؛ وثلاثتهم من معروفي تابعي الشام.
انظر: السلسلة الصحيحة (٢/ ٦١٠/ رقم ٩٣٧).