للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطلاق المعلَّق، فإنهم يجمعون بين ما فرق الله بينه ويفرقون بين ما جمع الله بينه، فلم يكن لهم حجةٌ شرعيةٌ على ما يذكرونه من وقوع الطلاق المعلق ــ سواءً قصد به اليمين أو الإيقاع ــ من المنع من وقوع غيره من الأحكام المعلقة؛ كالولايات والوكالات والضمانات والأنكحة وغيرها من الأحكام.

وأما ابن تيمية فإنه يقول: الطلاق الذي يَقصد إيقاعه عند الصفة يَلزم، كما يلزم النذر المعلَّق بالصفة والعتق المعلَّق بالصفة والجعالة المعلَّقة بالصفة والظهار المعلَّق بالصفة والتحريم المعلَّق بالصفة والولايات المعلَّقة بالصفات، وغير ذلك من الأحكام مما يدخل في مسمى الاسم الذي عُلِّقَت به الأحكام لفظًا ومعنى، ويُفَرِّقُ بين التعليق الذي يقصد به اليمين والذي يقصد به الإيقاع، وهو يقول: كما أَنَّ لفظ النذر والعتق يتناول مُنَجَّزَهُ ومُعَلَّقَهُ= فكذلك لفظ الطلاق وغيره لا فرق بينهما لا من جهة اللغة ولا من جهة الشرع [٢٩/ ب] ولا العقل.

فلما كان قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (١) يتناول المُطْلَقَ والمعلَّق بالنص والإجماع، وقوله: «الولاء لمن أعتق» (٢) يتناول المنجِّزَ للعتق والمعلِّقَ له بالإجماع= فكذلك قوله: «الزعيم غارم» (٣)

يتناول المنجِّز


(١) تقدم تخريجه (ص ٦)، وهو في البخاري.
(٢) أخرجه البخاري (٤٥٦)، ومسلم (١٥٠٤) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) أخرجه الطيالسي في مسنده (٢/ ٤٥١)، وعبد الرزاق في المصنف (٤/ ١٤٨) (٨/ ١٧٣، ١٨١) (٩/ ٤٨)، وابن أبي شيبة (٢٠٥٦٢، ٢٢٨٤٣)، وأحمد في المسند (٣٦/ ٦٢٨)، وأبو داود (٣٥٦٥)، والترمذي (١٢٦٥، ٢١٢٠)، وابن ماجه (٢٤٠٥) وغيرهم من حديث أبي أُمامة - رضي الله عنه -.

وقال الترمذي: حديث حسن، وقد روي عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل العراق وأهل الحجاز ليست بذلك فيما تفرد به؛ لأنه روى عنهم مناكير، وروايته عن أهل الشام أصح. وصححه ابن الجارود (رقم ١٠٢٣)، وحسنه البغوي في شرح السنة (٨/ ٢٥٢).
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (٤/ ١٤٤): هذا الحديث حسنه الترمذي، ورواية إسماعيل عن أهل الشام جيدة، وشرحبيل من ثقات الشاميين؛ قاله الإمام أحمد، ووثقه - أيضًا - العجلي وابن حبان، وضعفه ابن معين.
انظر: نصب الراية (٤/ ٥٧ وما بعدها)، الدراية (٢/ ١٦٣)، البدر المنير (٦/ ٧٠٧)، إرواء الغليل (٥/ ٢٤٥)، سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢/ ١٦٦/ ح ٦١٠).