(٢) هل للراوي أن يُصلح ما وقعَ في روايتِهِ عن شيخه من لَحْن أو تحريف؟ المسألة فيها أربعة أقوال:الأول: ذَهَبَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ سَخْبَرَةَ: أنه يَرْوِيهِ كَمَا سَمِعَهُ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ أيضاً عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، كَرَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ.قال ابن الصلاح: " وهذا غُلُوٌّ في مذهبِ اتِّباعِ اللَّفْظِ والمنعِ مِنَ الروايةِ بالمعنى".الثاني: مِثْلُهُ، لَكِنْ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ لَحْنٌ، وفعله: زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، ونحوه عن أحمد.الثالث: تغييره وإصلاحه وروايته عَلَى الصَّوَابِ وهو قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ منهم: هَمَّامٌ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَعَفَّانُ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.الرابع: يَتْرُكُ رِوَايَتَهُ إِيَّاهُ عَنْ ذَاكَ الشَّيْخِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ إِنْ تَبِعَهُ فِيهِ، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَلْحَنُ، وَإِنْ رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ فَهْوَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ كَذَلِكَ. وهو قول الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.انظر: "الكفاية ص ٢٠٨" "علوم الحديث ص ٢١٨" "الاقتراح ص ٤٣" "فتح المغيث ٣/ ١٥٤"(٣) في (هـ): بحسنا(٤) وأمَّا إصْلاحُ الخطأ وتغييرُهُ في كتابِهِ وأصْلِهِ، فالصوابُ تَرْكُهُ، وتقريرُ ما وقَعَ في الأصْلِ عَلَى ما هوَ عليهِ معَ التَّضْبيبِ عليهِ، وبيانِ الصوابِ خارجاً في الحاشيةِ، فإنَّ ذَلِكَ أجمعُ للمصلحةِ وأنْفَى للمَفْسَدةِ، ومِنْهُمْ مَنْ جَسَرَ عَلَى تغييرِ الكُتُبِ وإصْلَاحِها كأبي الوليدِ هِشامُ بنُ أحمدَ الكِنانِيُّ الوَقَّشِيُّ وغَلِطَ في أشْيَاءَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ الْأَوْلَى عِنْدَ السَّمَاعِ أَنْ يَقْرَأَهُ أَوَّلًا عَلَى الصَّوَابِ ثُمَّ يَقُولَ: "وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا أَوْ عِنْدَ شَيْخِنَا أَوْ مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ كَذَا"، وَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ مَا فِي الْأَصْلِ أَوَّلًا، ثُمَّ يَذْكُرَ الصَّوَابَ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى؛ كَيْلَا يَتَقَوَّلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ.انظر: "علوم الحديث ص ٢٢٠" "تدريب الراوي ١/ ٥٤٣"
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute