للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبقة الثالثة: هم الذين اتبعوا السيد المجتبى السبط الأكبر وقرة عين البتول الإمام الحسن رضي الله عنه، بعد شهادة الأمير رضي الله عنه، وبايعه قدر أربعين ألفاً على الموت، ورغبّوه في قتال معاوية (رضي الله عنه) وخرجوا إلى خارج الكوفة، وكان قصدهم إيقاعه في ورطة الهلاك، وقد أزعجوه في أثناء الطريق بطلب وظائفهم منه، وظهر منهم في حقه سوء الأدب ما ظهر، كما فعل المختار الثقفي من جرّ مصلاه من تحت قدمه المباركة، وهو الذي كان يعدّ نفسه من أخصّ شيعته، وكطعن آخر بالسنان فخذ الإمام رضي الله عنه حتى تألم منه ألماً شديداً.

فلما قامت الحرب على ساق، وتحققت المقاتلة، رغبوا إلى معاوية (رضي الله عنه) لدنياه وتركوا نصرة الإمام، مع أنهم كانوا يدّعون أنهم من شيعته المخصوصين وشيعة أبيه، وأنهم أحدثوا مذهب التشيع وأسسوه. ذكر ذلك المرتضى في كتابه (تنزيه الأنبياء والأئمة) عند ذكر عذر الإمام الحسن عن صلح معاوية وخلع نفسه من الخلافة وتفويضها إليه. وذكر أيضاً نقلاً عن كتاب (الفصول) للإمامية أن رؤساء هذه الجماعة كانوا يكتبون معاوية (رضي الله عنه) خفياً على الخروج للمحاربة مع الإمام، بل بعضهم أراد الفتك به رضي الله عنه، فلما تحققت هذه الأمور عنده رضي بالصلح مع معاوية (رضي الله عنه) وخلع الخلافة عن نفسه. الطبقة الرابعة: هم أكثر أهل الكوفة الذين طلبوا حضرة السبط الأصغر وريحانة سيد البشر صلى الله عليه وسلم الحسين رضي الله تعالى عنه، وكتبوا إليه كتباً عديدة في توجهه إلى طرفهم، فلما قرب من ديارهم مع الأهل والأقارب والأصحاب, وأخذت الأعداء تؤجج نيران الحرب في مقابلته، تركه أولئك الكذابون وتقاعدوا عن نصرته وإعانته، مع كثرة عدد الأعداء وقوة شوكتهم. بل رجع أكثرهم مع الأعداء خوفاً وطمعاً، وصاروا سبباً لشهادته وشهادة كثير ممن معه، حتى مات الأطفال والصبيان الرضع من شدة العطش، وأغروا ذوات الخدور والمستورات بالحجب من بيت النبوة وأطافوهم في البلاد والقرى والبوادي (١) وقد نشأ ذلك من غدرهم وعدم وفائهم ومخادعتهم وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ [الشعراء:٢٢٧].الطبقة الخامسة: وهم الذين كانوا في زمن استيلاء المختار على العراق والبلاد الأُخر من تلك الأقطار، وكانوا معرضين عن الإمام السجّاد لموافقته المختار، وينطقون بكلمة محمد بن الحنفية ويعتقدون إمامته، مع أنه لم يكن من أولاد الرسول صلى الله عليه وسلم (٢) ولم يقم دليل على إمامته (٣). وهذه الفرقة قد خرجت في آخر الأمر على الدين وحادت عن جادة المسلمين بما قالوا من نبوّة المختار ونزول الوحي إليه.


(١) هذا من مختلقات الرافضة وأما الحقيقة فخلاف ذلك.
(٢) ومع هذا فلا يمكن أن ننفي عنه رحمه الله تعالى بأنه هاشمي قرشي من أولاد علي رضي الله عنه وإن كانت أمه من سبي بني حنيفة.
(٣) وهل قام دليل واحد على ادعاء الرافضة بإمامة أئمتهم المزعومين حتى ينفي المؤلف رحمه الله تعالى إقامة الدليل على إمامة محمد بن الحنفية رحمه الله تعالى؟ إن فرق الشيعة لا يعجزهم اختلاق الأدلة على إمامة من يرونه أنه إمام. وابن الحنفية رحمه الله تعالى أرفع شأناً من أن ينساق وراء هؤلاء الرعاع وأجلّ قدراً من أن يجعل المختار الثقفي الكذاب داعية لإمامته.

<<  <  ج: ص:  >  >>