بيدي، لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان، فقال:"أفطر الحاجم والمحجوم" ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يدرك رمضان بعد حجة الوداع، فلا بدّ أن يكون قوله قبل فعله.
٢ - نوع القول: القول عام لنا وله. على سبيل الظهور.
٣ - قام الدليل على تكرر مقتضى القول، لأنه معلق بالصفة.
فعلى هذا ينبغي أن يبقى حكم القول في حق الأمة، ويكون الإفطار خصوصية له. لكن يمنع القول بالخصوصية أنه لم يخص في باب القرب بشيء من الرخص. ولذلك يحصل التعارض، ويحكم بالنسخ في حقه - صلى الله عليه وسلم - وحق الأمة.
وقد سلك الشوكاني مسلك الجمع، فحمل القول على الكراهة، وفيه نظر، فإنه ليس نهياً حتى يصح حمله على الكراهة وإنما هو حكم بالإفطار.
المثال الثاني: حديث أنس، وخلاصته: أن رهطاً من العرنيين غدروا براعي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقتلوه واستاقوا النعم، فبعث في آثارهم، فجيء بهم فسمل أعينهم، وتركهم في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا.
مع حديث أنس والمغيرة: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المثلة (١).
١ - التاريخ: في رواية أنس أنه قال بعد أن ذكر حديث العرنيين: ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة، فالفعل متقدم على القول.
٢ - القول وإن كان يبدو أنه خاص بنا، إلاّ أنه يشمله - صلى الله عليه وسلم -، على القول بأن المتكلم يدخل في عموم متعلق خطابه.
٣ - الدليل قائم على تكرر مقتضى القول، لأنه نهي، والنهي يقتضي دوام الترك.
فظاهر هذا أنه يكون الحكم في حقنا وحقه - صلى الله عليه وسلم - نسخ حكم الفعل المتقدم بالقول. والمعتمد عند الجمهور تحريم المثلة.
(١) حديث المغيرة: رواه الحاكم والطبراني. وحديث أنس رواه مسلم.