وتصدر رأيا منه نجحاً لقصدها ... فلا تمتري فيه ولا عنه تفتر
وقد صار أمر الملك طوع قياده ... يصرفه قسراً فينهى ويأمر
وما رام أمراً قط إلا وسهلت ... له موجبات السعد ما منه يعسر
ولا حل محتاج فناء لوائه ... وعام لشكوى الفقر في الدهر يذكر
ولا أم ذو كسرٍ ذرى ظل جاهه ... فخاب له سعي وما زال يجبر
ولا غرو أن ساس الممالك يوسفٌ ... وعنه سعيد الرأي يروى ويؤثر
فيا ويح من أمسى يخالف أمره ... ويا فوز ملهوفٍ له ظل ينصر
فلا زال في العلياء يرقى هضابها ... ولا زال بالمعروف يسمو ويشهر
قد خدمته الحظوظ، وأسعدته الجدود، وقسمت المنازل الستة فكان له سعد السعود، فلو غرس الشوك أنبت العنب أين أرادها، أو حاول العنقاء في الجو لصادها، أو زرع في السباخ لكان ذلك هو العام والسنة الخصبة، ولضوعفت مضاعفة حسناته فأنبتت كل حبة، سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة:
وإذا السعادة أحرستك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن أمان
واصطد بها العنقاء فهي حبائلٌ ... واقتد بها الجوزاء فهي عنان
وحسبك إن لبس شرفاً لا تطمع الأيام في خلعه، وتقمص من الفضل جلبابا لا يتطلع الزمان إلى نزعه، وانتهى إليه المجد فوقف، وعرف الكرم مكانه فانحاز إليه وعطف، فقصرت عنه خطى من يجاريه، وضاق عنه باع من يناوبه:
معالٍ تمادت في العلو كأنما ... تحاول ثأراً عند بعض الكواكب
فمناقبه تسبق أقلام الكاتب، وتستغرق طاقة الحاسب، ليس لارتفاعها غابة، ولا لتداولها على مدى الأيام نهاية، فلا توفي جامعة بشرطها، ولا تقوم جريدة ببسطها: