للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَفِي كُلِّ جُزْءٍ يَنْقَضِي مِنْ زَمَانِهَا … مِنَ الجِسْمِ جُزْءٌ مِثْلُهُ يَتَحَلَّلُ

فَنَفْسُ الفَتَى فِي سَهْوِهَا وَهِيَ تَنْقَضِي … وَجِسْمُ الفَتَى فِي شُغْلِهِ وَهْوَ يَعْمَلُ

قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:

وَالْوَقْتُ أَنْفُسُ مَا عُنِيْتَ بِحِفْظِهِ … وَأُرَاهُ أَسْهَلُ مَا عَلَيْكَ يَضِيْعُ

قَالَ: وَأَنْشَدَنَا لِنَفْسِهِ:

الحَمْدُ للهِ هَذَا العَيْنُ لَا الأَثَرُ … فَمَا الَّذِي بِاتِّبَاعِ الحَقِّ يُنْتَظَرُ

وَقْتٌ يَفُوْتُ وَأَشْغَالٌ مُعَوِّقَةٌ … وَضَعْفُ عَزْمٍ وَدَارُ شَأْنُهَا الغِيَرُ

وَالنَّاسُ رَكْضًا إِلَى مَهْوَى مَصَارِعِهِمْ … وَلَيسَ عِنْدَهُمُ مِن رَكْضِهِمْ خَبَرُ

تَسْعَى بِهِمْ خَادِعَاتٌ منْ سَلَامَتِهِمْ … فَيَبْلُغُوْنَ إِلَى المَهْوَى وَمَا شَعُرُوا

وَالجَهْلُ أَصْلُ فَسَادِ النَّاسِ كُلِّهِمُ … وَالجَهْلُ أَصْلٌ عَلَيْهِ يُخْلَقُ البَشَرُ

وَإِنَّمَا العِلْمُ عَنْ ذِي الرُّشْدِ يَطْرَحُهُ … كَمَا عَنِ الطِّفْلِ يَوْمًا يُطْرَحُ السُّرَرُ

وَأَصْعَبُ الدَّاءِ دَاءٌ لَا يُحَسُّ بِهِ … كَالدِّقِّ (١) يَضْعَفُ حِسًّا وَهْوَ يَسْتَعِرُ

وَإِنَّمَا لَمْ يُحِسُّ المَرْءُ مَوْقِعَهَا … لأَنَّ أجَزَاءَهُ (٢) قَدْ عَمَّهَا الضَّرَرُ

وَقَالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَوْلَا عُمُوْمُ فُقَرَاءِ النَّاسِ مَا اسْتَغْنَوا؛ فَإِنَّ الإِنْسَانَ لَمَّا افْتَقَرَ احْتَالَ، فَسَافَرَ لِجَلْبِ الثِّيَابِ وَالمَطَاعِمِ وَالأَدْوِيَةِ وَالحَطَبِ، وَغَيْرِ ذلِكَ، فَانْتَفَعَ بِذلِكَ المُقِيْمُ فَلَوْ أَنَّ النَّاسَ اسْتغْنَوا عَنِ


(١) الدِّقُّ: هُوَ دِقُّ الشَّجَرِ؛ وَهُوَ صِغَارُهُ.
(٢) في (ط): "أَجْزَؤُهُ".