للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - (١): "إِذَا شَرِبْتُمْ فَأَسْئِرُوا" قَالَ: هَذَا فِي الشُّرْبِ خَاصَّةً، فَأَمَّا الأَكْلُ فَمِنَ السُّنَّةِ: لَعْقُ القَصْعَةِ وَالأَصَابِع، وَإِنَّمَا خَصَّ الشُّرْبَ بِذلِكَ؛ لأَنَّ التُّرَابَ وَالأَقْذَارَ تَرْسَخُ فِي أَسْفَلِ الإِنَاءِ فَاسْتِيْفَاءُ ذلِكَ يُوْجِبُ شُرْبَ مَا يُؤْذِي، قَالَ: وَكَذلِكَ السِّرُّ فِي الأَمْرِ بِالتَّنَفُّسِ فِي الإِنَاءِ ثَلَاثًا؛ لأَنَّ التَّنَفُّسَ يُخْرِجُ كُرَبَ القَلْبِ، وَكَدَرَ البَدَنِ، فَكَرِهَ الشَّارِعُ أَنْ يَعُوْدَ فِي المَاءِ فَيُؤْذِي الشَّارِبَ (٢).

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: فِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: (٣) "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي وُجُوْهُهُمْ كالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ" قَالَ: إِنَّمَا لَمْ يَقُلْ كَالشَّمْسِ؛ لأَنَّ نُوْرَ الشَّمْسِ يُؤَثِّرُ فِي عُيُوْنِ النَّاظِرِيْنَ إِلَيْهَا، فَلَا يَتَمَكَّنُوْنَ مِنَ النَّظَرِ، وَالجَنَّةُ دَارُ لَذَّةٍ وَطِيْبِ عَيْشٍ، فَلَوْ أَشْبَهَتْ وُجُوْهَهُمُ نُوْرَ الشَّمْسِ لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَنْظُرَ الآخَرَ.

وَمِنْ كَلَامِهِ فِي السُّنَّةِ: قَالَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ: سَمِعْتُ الوَزِيْرَ يَقُوْلُ: تَأْوِيْلُ الصِّفَاتِ أَقْرَبُ إِلَى الخَطَرِ (٤) مِنْ إِثْبَاتِهَا عَلَى وَجْهِ التَّشْبِيهِ؛ فَإِنَّ ذلِكَ كُفْرٌ، وَهَذَا غَايَتُهُ البِدْعَةُ. قَالَ وَسَمِعْتُهُ يُنْشِدُ لِنَفْسِهِ:

لَا قَوْلَ عِنْدَ آيِهِ المُتْشَابِهْ … لِلرَّاسِخِيْنَ غَيْرُ آمَنَّا بِهْ


(١) في (ط) فقط: (- صلى الله عليه وسلم -).
(٢) النِّهَايَةُ لابنِ الأَثِيْرِ (٢/ ٣٢٧).
(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ رقم (٣٢٤٥، ٣٢٤٦، ٣٢٥٢، ٣٣٢٧)، وَمُسْلِمٌ رقم (٢٨٣٤، ١٤، ١٥، ١٦، ١٧) وَأَحْمَدُ في المُسْنَدِ: (٢/ ٥٣، ٢٥٧، ٣١٦، ٥٠٢، ٥٠٤) وَالتِّرْمِذِيُّ رقم (٢٥٤٠) كُلُّهُم مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(٤) في (ط): "إلى الخط".