للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اعْتَرَضَ عَلَيْهِ المُخَرَّمِيُّ، فَقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ لَا أُسَلِّمَ مَا عَوَّلْتَ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ إِنْشَاءِ وَقْفِهَا، بَلْ لَا يَصِحُّ وَقْفُ مَا يَجِبُ نَقْلُهُ؟

قَالَ ابنُ عَقِيْلٍ: هَذَا لَا يَجُوْزُ أَنْ يُقَالَ جُمَلَةً، فَإِنَّكَ تَقُوْلُ: تُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثمَنُهَا فِي وَقْفٍ آخَرَ، فَهَذِهِ المَالِيَّةُ الَّتِي قَبِلَتِ البَيْعِ، وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ مُسْتَأْنَفٌ كَيْفَ لَا يَصْلُحُ لِبَقَاءِ دَوَامِ عَقْدٍ قَدِ انْعَقَدَ بِشُرُوْطِهِ؟! وَأَكْثَرُ مَا يُقَدَّرُ أَنَّ المَسْجِدَ بَقِيَ فِي بَرِّيَّةٍ، فَيَصْلُحُ لِصَلَاةِ المَارَّةِ وَالقَوَافِلِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجَرَ البُقْعَةَ أَهْلُ قَافِلَةٍ لإِيْقَافِ دَوَابِّهِمْ، وَطَرْحِ رِحَالِهِمْ، وَهَذَا القَدْرُ مِنْ بَقَاءِ مَالِيَّةِ الأَصْلِ وَالمَنَافِعِ، وَقُبُوْلَهَا لِلْعُقُوْدِ المُسْتَجِدَّةِ، لَا يَجُوْزُ مَعَهُ قَطْعُ دَوَامِ الوَقْفِ.

قُلْتُ: هَذَا لَيْسَ بِجَوَابٍ؛ لِمَا قَالَهُ المُخَرِّمِيِّ مِنْ مَنْعِ صِحَّةِ إِنْشَاءَ وَقْفِهَا، فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يُفِيْدُ هَذَا: أَنَّ وَقْفِيَّتَهَا لَمْ تَزُلْ بِالخَرَابِ، وَالمُخَرِّمِيُّ مُوَافِقٌ عَلَى ذلِكَ، وَلكنَّهُ يَقُوْلُ: إِنَّهُ يَجُوْزُ أَوْ يَجِبُ بَيْعُهَا وَصَرْفُ ثَمَنِهَا إِلَى مِثْلِهَا، وَهَذَا شَيءٌ آخَرُ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ ابنُ عَقِيْلٍ عَلَى صِحَّةِ إِنْشَاءِ وَقْفِهَا.

فَإِنْ قَالَ: (١) فَإِذَ صَحَّ إِنْشَاءُ عَقْدِ البَيْعِ عَلَيْهَا صَحَّ إِنْشَاءُ الوَقْفِ.

قُلْنَا: هَذَا مَمْنُوعٌ، فَكَمْ مِنْ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا، فَإِنَّ الوَقْفَ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي عَيْنٍ يَدُوْمُ نَفْعُهَا مَعَ بَقَائِهَا، وَلَوْ جَازَ وَقْفُ مَا يَجِبُ بَيْعُهُ وَنَقْلُهُ لَجَازَ (٢) وَقْفُ المَطْعُوْمَاتِ وَنَحْوِهَا، وَتُبَاعُ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا فِي


(١) في (أ) و (ب): "وإن .. ".
(٢) في (ط) الفقى: "لَجَازَ بَيع وقف .. " وهي كَذلِك فِي (أ) ثُمَّ ضرب عليها وصحَّحَهَا في الهامش.