للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَكوْنَ يَوْمًا قَدْ عَظَّمَ اللهَ تَعَالَى، فَعَجِبْتُ مِنْ وَرَعِهِ وَتَحَفُّظِهِ فِي مَنْطِقِهِ عَنْ مِثْلِ هَذَا.

قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ: وَأَصَابَنِي قُوْلَنْجُ (١) عَانَيْتُ مِنْهُ شِدَّةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ أَبُو عُمَرَ وَبِيَدِهِ خَرُّوْبٌ شَامِيٌّ مَدْقُوقٌ، فَقَالَ: اسْتَفَّ هَذَا، وَكَان عِنْدِي جَمَاعَةٌ، فَقَالُوا: هَذَا يَزِيْدُ القُولَنْجَ وَيَضُرُّهُ، فَمَا الْتَفَتُّ إِلَى قَولِهِمْ، فَأَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهِ فَأَكَلْتُهُ، فَبَرِأْتُ فِي الحَالِ. قَالَ: وَحَكَى الجَمَالُ البُصْرَاوِيُّ الوَاعِظُ قَالَ: أَصَابَنِي قُوْلَنْجُ فِي رَمَضَانَ، فَاجْتَهَدُوا فِي أَنْ أُفْطِرَ، فَلَمْ أَفْعَلْ، وَصَعَدْتُ إِلَى "قَاسِيُوْنَ" فَقَعَدْتُ مَوْضِعَ الجَامِعِ اليَوْمَ، وإِذَا بِالشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ قَدْ أَقْبَلَ مِنَ الجَبَلِ، وَبِيَدِهِ حَشِيْشَةٌ، فَقَالَ: شُمَّ هَذِهِ تَنْفَعُكَ، فَأَخَذْتُهَا وَشَمَمْتُهَا، فَبَرِأْتُ.

وَقَرَأْتُ بِخَطِّ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ أَبُو عُمَرَ فَقِيْهًا، زَاهِدًا، عابِدًا، كَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا مِنْ كُتُبِ الحَدِيْثِ، وَالفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَكِتَابَ "المُغْنِي" لأَخِيْهِ، وَكَانَ مَعَ ذلِكَ لَهُ أَوْرَادٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَالتِّلَاوَةِ، يَقُوْمُ بِهَا، وَحَجَّ وَغَزَا وَكَانَ شَيْخَ جَمَاعَتِهِ، مُطَاعًا فِيْهِمْ، مُحْتَرِمًا عِنْدَ نُوْرِ الدِّينِ مَحْمُوْدِ بْنِ زَنْكِيِّ، وَزَارَهُ وَبَنَى لَهُمْ فِي الجَبَلِ مَسْجِدًا وَسِقَايَةً.

وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ آثَارٌ جَمِيْلَةٌ، مِنْهَا: "مَدْرَسَتُه" بِالجَبَلِ، وَهِيَ وَقْفٌ


(١) جَاءَ فِي تَاج العَرُوس "قَلَجَ" "القُوْلَنْجُ: عَجَمِيَّةٌ، وَقَدْ تُكْسَرُ لَامُهُ أَوْ هُوَ مَكْسُوْرُ اللَّامِ، وَتُفْتَحُ القَافُ وَيُضَمُّ، مَرَضٌ مَشْهُوْرٌ مِعَوِيٌّ، مَنْسُوْبٌ إِلَى المِعَى، مُؤْلِمٌ جِدًّا، يَعْسُرُ مَعَهُ خُرُوْجُ الثَّفَلِ وَالرِّيْحِ".