وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: الْعُمَرَانِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمَشْرِقَيْنِ مَشْرِقَ الصَّيْفِ وَمَشْرِقَ الشِّتَاءِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، {فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: ٣٨] قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: إِذَا بُعث الكافر زُوِّج بقرينه الشيطان فَلَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى النار.
[٣٩] {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ} [الزخرف: ٣٩] في الآخرة، {إِذْ ظَلَمْتُمْ} [الزخرف: ٣٩] أَشْرَكْتُمْ فِي الدُّنْيَا، {أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: ٣٩] يَعْنِي لَا يَنْفَعُكُمُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعَذَابِ وَلَا يُخَفِّفُ الِاشْتِرَاكُ عَنْكُمْ الْعَذَابِ، لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْكُفَّارِ وَالشَّيَاطِينِ الْحَظَّ الْأَوْفَرَ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَنْ يَنْفَعَكُمُ الِاعْتِذَارُ وَالنَّدَمُ الْيَوْمَ فَأَنْتُمْ وَقُرَنَاؤُكُمُ الْيَوْمَ مُشْتَرِكُونَ فِي الْعَذَابِ كَمَا كنتم مشتركين فِي الْكُفْرِ.
[٤٠] {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزخرف: ٤٠] يَعْنِي الْكَافِرِينَ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ لَا يُؤْمِنُونَ.
[٤١] {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} [الزخرف: ٤١] بِأَنْ نُمِيتَكَ قَبْلَ أَنْ نُعَذِّبَهُمْ، {فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ} [الزخرف: ٤١] بالقتل بعدك.
[٤٢] {أَوْ نُرِيَنَّكَ} [الزخرف: ٤٢] في حياتك، {الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٤٢] مِنَ الْعَذَابِ، {فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ} [الزخرف: ٤٢] قَادِرُونَ مَتَى شِئْنَا عَذَّبْنَاهُمْ، وَأَرَادَ بِهِ مُشْرِكِي مَكَّةَ انْتَقَمَ مِنْهُمْ يوم بدر، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: عَنَى بِهِ أَهْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدْ كَانَ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِقْمَةٌ شَدِيدَةٌ فِي أُمَّتِهِ، فَأَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَذَهَبَ بِهِ وَلَمْ يُرِهْ فِي أُمَّتِهِ إِلَّا الَّذِي يَقَرُّ عَيْنَهُ، وَأَبْقَى النِّقْمَةَ بعده.
[٤٣] {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الزخرف: ٤٣]
[٤٤] {وَإِنَّهُ} [الزخرف: ٤٤] يعني القرآن، {لَذِكْرٌ لَكَ} [الزخرف: ٤٤] أي لشرف لك، {وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: ٤٤] مِنْ قُرَيْشٍ، نَظِيرُهُ: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} [الْأَنْبِيَاءِ: ١٠] أي شرفكم، {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: ٤٤] عن حقه وأداء شكره. قال مُجَاهِدٌ: الْقَوْمُ هُمُ الْعَرَبُ، فَالْقُرْآنُ لَهُمْ شَرَفٌ إِذْ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ، ثُمَّ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الشَّرَفِ الْأَخَصَّ فَالْأَخَصَّ مِنَ الْعَرَبِ، حَتَّى يَكُونَ الْأَكْثَرُ لِقُرَيْشٍ وَلِبَنِي هَاشِمٍ. وَقِيلَ: ذَلِكَ شَرَفٌ لَكَ بِمَا أَعْطَاكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلِقَوْمِكَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا هُدَاهُمُ اللَّهُ بِهِ، وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ عَنِ الْقُرْآنِ وَعَمَّا يَلْزَمُكُمْ مِنَ القيام بحقه.
[٤٥] {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: ٤٥] اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ الْمَسْئُولِينَ، قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ اللَّهُ لَهُ آدَمَ وَوَلَدَهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَأَذَّنَ جِبْرِيلُ ثُمَّ أَقَامَ، وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ تَقَدَّمْ فَصَلِّ بِهِمْ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: سَلْ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَرْسَلْنَا قبلك من رسلنا، الْآيَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " لَا أَسْأَلُ فَقَدِ اكْتَفَيْتُ» ، وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ زَيْدٍ، قَالُوا: جَمَعَ اللَّهُ لَهُ الْمُرْسَلِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute