للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم؛ والأمور ثلاثةٌ: بينٌ رشده فاتبعوه، وأمرٌ تبين لكم غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف عليكم غيه فردوا علمه إلى عز وجل.

وعن أبي فروة أن عيسى بن مريم كان يقول: لا تمنع العلم من أهله فتأثم، ولا تنشره عن غير أهله فتجهل، وكن طبيباً رفيقاً يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع.

وفي رواية: إن منعت الحكمة أهلها جهلت، وإن أتحتها غير أهلها جهلت؛ كن كالطبيب المداوي إن رأى موضعاً للدواء وإلا أمسك.

وعن عكرمة قال: قال عيسى: لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير، فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤ شيئاً، ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها، فإن الحكمة خيرٌ من اللؤلؤ ومن لا يريدها شر من الخنزير.

وعن عمران الكوفي قال: قال عيسى بن مريم للحواريين: لا تأخذوا ممن تعلمون من الأجر إلا مثل الذي أعطيتموني، ويا ملح الأرض لا تفسدوا، فإن كل شيءٍ إذا فسد فإنما يداوى بالملح، وإن الملح إذا فسد فليس له دواء، واعلموا أن فيكم خصلتين من الجهل: الضحك من غير عجب، والصبحة من غير سهر.

قيل لعيسى بن مريم: يا روح الله! من أشد الناس فتنةٌ؟ قال: زلة العالم، إذا زل العالم زل بزلته عالمٌ كثير.

وعن سفيان بن عيينة قال:

قال المسيح: ويلكم يا علماء السوء، لا تكونوا كالمنخل، يخرج منه الدقيق الطيب فيمر ويمسك النخالة، وكذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم؛ ويحكم! إن الذي يخوض النهر لا بد أن يصيب ثوبه الماء، وإن جهد أن لا يصيبه؛ كذلك من يحب الدنيا لا ينجو من الخطايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>