للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل الرّجل يأتينا بالمال العظيم فيقول: اجعلوا هذا حيث ترون للفقراء، فما يبرح حتى يرجع بماله يتذكر من يضعه فيهم فلا يجده، فيرجع بماله؛ قد أغنى عمر بن عبد العزيز النّاس.

حدّث إبراهيم بن هشام بن يحيى، عن أبيه، عن جدّه، قال: كانت فاطمة بنت عبد الملك جارية تعجب عمر، فلمّا صار إلى ما صار إليه زيّنتها فاطمة وطيّبتها، وبعثت بها إلى عمر، وقالت: إني قد كنت أعلم أنها تعجبك، وقد وهبتها لك فتنال منها حاجتك؛ فلمّا دخلت عليه قال لها عمر: اجلسي يا جارية، فوالله ما شيء من الدّنيا كان أعجب إليّ منك أن أناله، حدّثيني بقصّتك، وما سببك؟ قالت: كنت جاريةً من البربر جنى أبي جناية فهرب من موسى بن نصير عامل عبد الملك على إفريقية، فأخذني موسى بن نصير، فبعثني إلى عبد الملك، فوهبني عبد الملك لفاطمة، فبعثت بي فاطمة إليك. فقال: كدنا والله نفتضح. فجهّزها وبعث بها إلى أهلها.

عن عطاء، قال: دخلت على فاطمة بنت عبد الملك بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، فقلت لها: يا بنت عبد الملك، أخبريني عن أمير المؤمنين. قالت: أفعل، ولو كان حيّاً ما فعلت.

إن عمر رحمه الله كان قد فرغ نفسه وبدنه للنّاس، كان يقعد لهم يومه، فإن أمسى وعليه بقيّة من حوائج يومه وصله بليلته، إلى أن أمسى مساءً وقد فرغ من حوائج يومه، فدعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله، ثم قام فصلّى ركعتين، ثم أقعى واضعاً رأسه على يده تسايل دموعه على خدّه، يشهق الشّهقة فأقول: قد خرجت نفسه، أو تصدّعت كبده؛ فلم يزل كذلك ليلته حتى برق له الصّبح، ثم أصبح صائماً. قالت: فدنوت منه فقلت: يا أمير المؤمنين، لشيء ما كان قبل اللّيلة مل كان منك؟ قال: أجل، فدعيني وشأني، وعليك بشأنك.

<<  <  ج: ص:  >  >>