للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت فقال: اخلعها وندعك. فقال: ويحك! والله ما كشفت امرأة في جاهلية، ولا تغنيت ولا تمنيت، ولا وضعت يميني على عورتي منذ بايعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولست خالعاً قميصاً كسانيه الله، وأنا على مكاني حتى يكرم الله أهل السعادة ويهين أهل الشقاء. فخرج، فقالوا: ما صنعت؟ فقال: غلقنا، والله ما يحل لنا قتله، ولا ينجينا من الناس إلا قتله، فأدخلوا عليه رجلاً من بني ليث، فقال: ممن الرجل؟ فقال: ليثي. فقال: لست بصاحبي، قال: وكيف؟ قال: ألست الذي دعا لك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نفر أن يحفظوا يوم كذا وكذا؟ قال: بلى. قال: فلم تضع، فرجع وفارق القوم، فأدخلوا عليه رجلاً من قريش فقال: يا عثمان، إني قاتلك، قال: كلا يا فلان، لا تقتلني. قال: وكيف؟ قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استغفر لك يوم كذا وكذا، فلن تقارف دماً حراماً، فاستغفر ورجع وفارق أصحابه.

وأقبل عبد الله بن سلام حتى قام على باب الدار ينهاهم عن قتله، وقال: يا قوم، لا تسلوا سيف الله عليكم، فوالله إن سللتموه لا تغمدوه، ويلكم إن سلطان الله اليوم يقوم بالدرة، وإن قتلتموه لم يقم إلا بالسيف، ويلكم! إن مدينتكم محفوفة بملائكة الله، والله لئن قتلتموه لتتركنها. فقالوا: يا بن اليهودية، وما أنت وهذا! فرجع عنهم. وكان آخر من دخل عليه إلى القوم محمد بن أبي بكر، فقال له عثمان: ويلك! أعلى الله تغضب، هل لي إليك جرم إلا حقه أخذته منك، فنكل ورجع.

ولما خرج محمد بن أبي بكر وعرفوا انكساره ثار قتيرة وسودان بن حمران السكونيان والغافقي، فضربه الغافقي بجريدة معه، وضرب المصحف برجله، واستدار المصحف وانتشر فاستقر بين يديه، وسالت عليه الدماء، وجاء سودان بن حمران ليضربه فأكبت عليه نائلة، واتقت السيف بيدها، فتعمدها ونفح أصابعها فأطن أصابع يدها،

<<  <  ج: ص:  >  >>