أصحابه يحصروا عثمان. وانصرف علي فاختبأ في المسجد وعنده سعد بن أبي وقاص في ناس كثير، وألط القوم وكثر حردهم، فخرج سعد في وجوههم فقال: الله الله يا معشر المسلمين، تركتم عثمان حتى إذا غسلتموه وصار مثل الثوب الرحيض أردتم قتله، أفلا بوسخه فعلتم ذلك به! فقالوا: ما لنا ولك يا سعد. فشدوا على سعد حتى خر من قيامه، وخلص إلى عثمان بينهم فناشدهم عثمان في قتله، ونبذ إليهم مفاتيح الخزائن، فأقبلوا بها إلى طلحة بن عبيد الله فقال: لا والله لا نرضى بذلك منه حتى نسله من الولاية مثل الشعرة من العجين فكان أول من دخل عليه حتى تناوله محمد بن أبي بكر. الحديث
ولما بلغ عمرو بن العاص قتل عثمان قال: قد علمت العرب أني إذا حككت قرحة أدميتها، ثم إن الركب انصرفوا إلى مصر، فلما دخلوا الفسطاط ارتجز مرتجزهم: من مشطور الرجز:
ألا احذرن مثلها أبا حسن
إنا نمر الحرب إمرار الرسن
ننطق بالفصل وإحكام السنن
فلما دخلوا المسجد قالا: إنا لسنا قتلنا عثمان ولكن الله قتله، وكذلك يقول الله:" بل تقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصفون ". فلما رأى ذلك شيعة عثمان ومن كره قتله قام من قام منهم إلى ابن أبي الكنود سعد بن مالك الأزدي، ثم تتابعوا إليه حتى عظمت حلقته، لا يقوم إليه رجل إلا كان على مثل رأيه، فوجم القوم لذلك طويلاً، فقال عبد الله بن جويبر لأهل الحلقة: قد طال صماتكم، فحلوا حباكم ثم