للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إني من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرفتك بمقعد

شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأبعد

فلما سمع هذا المأمون قال: كذب علي، متى كنت خاملاً؟! وإني لخليفة وابن خليفة وأخو خليفة، ومتى كنت خاملاً فيرفعني دعبل؟! فوالله ما كافأه ولا كافأ أبي ما أسدى إليه. وذلك أنه لما توفي أنشأ يقول:

وأبقى طاهر فينا خلالاً ... عجائب تستخف بها الحلوم

ثلاثة إخوة لأب وأم ... تمايز عن ثلاثتهم أروم

فبعضهم يقول قريش قومي ... وتدفعه الموالي والصميم

وبعض في خزاعة منتماه ... ولاء غير مجهول قديم

وبعضهم يهش لآل كسرى ... ويزعم أنه علج لئيم

لقد كثرت مناسبهم علينا ... فكلهم على حال زنيم

فهذه الثالثة يا ضبي. وأما الرابعة: فإنه لما استخلف المعتصم دخل عليه دعبل ذات يوم، فأنشده قصيدة، فقال: أحسنت يا دعبل، فاسألني ما أحببت، قال: مئة بدرة، قال: نعم، على أن تمهلني مئة سنة ويضمن لي أجل معها؛ قال: قد أمهلتك ما شئت. وخرج مغضباً، فلقي خصياً قد كان عوده أن يدخل مدائحه إلى أمير المؤمنين ويجعل له سهماً من الجائزة، فقال: ويحك! إني كنت عند أمير المؤمنين وأغفلت حاجةً لي أن أذكرها له، فأذكرها في أبيات وتدخلها له؟ قال: نعم، ولي نصف الجائزة؟ فماكسه ساعةً ثم أجابه فأخذ رقعةً فكتب فيها:

بغداد دار الملوك كانت ... حتى دهاها الذي دهاها

ما غاب عنها سرور ملك ... أعاره بلدةً سواها

ما سر من را بسر من را ... بل هي بؤس لمن يراها

<<  <  ج: ص:  >  >>