للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صالح بن كيسان: إن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة في كلام بلغه عن خالد بن الوليد: أن سل خالداً، فإن أكذب نفسه فهو أمير ما يليه، وإن ثبت على قوله فانزع عمامته، وقاسمه ماله نصفين، وقم على الجند قبلك. فكتم أبو عبيدة الكتاب، ولم يقرئه خالداً، حباً وتكرماً، حتى فتح الله عليهم دمشق في رجب سنة أربع عشرة، ثم إن بلالاً مؤذن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبي عبيدة: ماذا كتب به إليك عمر في خالد بن الوليد؟ قال: أمرني أن أنصه في كلام بلغه عنه، فإن أكذب نفسه فهو أمير على ما يليه، وإن ثبت على قوله نزعت عمامته، وقاسمته ماله نصفين. فقال بلال: فامض لما أمرك به أمير المؤمنين؛ فقال خالد: أمهلوني حتى أستشير؛ وكانت له أخت لا يكاد يعصيها، فاستشارها فقالت له: والله لا يحبك عمر بن الخطاب أبداً، وما يريد إلا أن تكذب نفسك، ثم يعزلك، فقبل رأسها وقال: صدقت: فثبت على قوله، فنزع أبو عبيدة عمامته، فلم يبق إلا نعلاه، فقال بلال: لا تصلح هذه إلا بهذه، قال خالد: فوالله لا أعطيها أمير المؤمنين، لي واحدة ولكم واحدة.

وكتب عمر في الأمصار: إني لم أعزل خالداً عن سخطة ولا جناية، ولكن الناس فتنوا به، فخشيت أن يوكلوا إليه ويبتلوا، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع، وأن لا يكونوا بعرض فتنة.

ولما قدم خالد على عمر تمثل بقول الشاعر:

صنعت فلم يصنع كصنعك صانع ... وما يصنع الأقوام فالله أصنع

فأغرمه شيئاً ثم عوضه منه. وكتب فيه إلى الناس بهذا الكتاب ليعذره عندهم وليبصرهم.

قال نافع: لما قدم خالد بن الوليد من الشام، قدم وفي عمامته أسهم ملطخة بالدم قد جعلها في عمامته، فاستقبله عمر لما دخل المسجد فنزعها من عمامته وقال: أتدخل مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعك أسهم فيها دم؟؟ وقد جاهدت وقاتلت وقد جاهد المسلمون قبلك وقاتلوا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

<<  <  ج: ص:  >  >>