للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حراسة الجيش والمجاهدين أثناء النوم أو الراحة، والصلاة؛ ولهذا شرعت صلاة الخوف، ومن أنواعها أن طائفة تصلي مع الإِمام والطائفة الأخرى وجاه العدو. وفي هذا الحديث أن حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح رأوا أبا سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء " فأدركوهم فأخذوه فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم أبو سفيان "، وهذا يدل على أهمية الحراسة وقد أمر الله عز وجل بأخذ الحذر فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: ٧١] (١).

ولأهمية الحراسة فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم فيها وجعل ثواب من بات يحرس في سبيل الله الجنة والنجاة من النار، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله» (٢).

رابعا: من صفات الداعية: العفو والصفح ومقابلة السيئة بالحسنة: ظهر في هذا الحديث أهمية العفو والصفح، وتأثيره في نفوس المدعوين؛ ولهذا عفا صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء فلم يقتلهم، وقد حصل من أبي سفيان رضي الله عنه ما لا يخفى في المعارك الكبرى: بدر، وأحد، وغزوة الأحزاب، ومع ذلك قابله النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو والصفح، وعفا أيضا عن جميع أهل مكة يوم الفتح إلا مجموعة أهدر دمهم لمعاداتهم العظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته ومع ذلك فقد نجا بعضهم وأنقذه الله بالإِسلام فعفا عنهم صلى الله عليه وسلم بعد أن أهدر دماءهم؛ لإِسلامهم، كعكرمة بن أبي جهل، وهبار بن الأسود، وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان، وعبد الله بن أبي السرح، وكعب بن زهير، ووحشي بن حرب، وأما غيرهم ممن أهدر دمه ولم يسلم، فقد قتل من عثِر عليه منهم (٣).


(١) سورة النساء، الآية ٧١.
(٢) الترمذي، وحسنه، في كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الحراسة في سبيل الله، ٤/ ١٧٥، برقم ١٦٣٩، وصححه الألباني لشواهده، في مشكاة المصابيح ٢/ ١١٢٥، وفي صحيح سنن الترمذي ٢/ ١٢٧.
(٣) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ١١، وقد ذكر أن عدد من أهدر دمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال وست نسوة، أسلم بعضهم فعفا عنه صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>