للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث أن النكول وحده لا يعتبر طريقًا، بل لا بد من يمين المدعي، فإن حلف، قضي له، وإن نكل لا يقضي له بشيء وردت دعواه لأن نكول المدعى عليه يحتمل أن يكون لأجل اشتباه عنده، أو لأجل التورع عن اليمين الكاذبة أو الترفع عن اليمين الصادقة، وهو مذهب الشافعي (١) ومالك (٢)، وصوبه أحمد (٣)، وهو أحد الرأيين عند الإمامية (٤)، وعمدة ما استدل به هؤلاء هو ما روي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد اليمين على طالب الحق (٥).

وهو رأي الإباضية، فقد جاء في المصنف: في المدعى عليه الجراحة، إذا ردّ اليمين على المدّعي، فحلف؛ فلا أرى على المدّعى عليه قصاصًا، وإنما يلزمه الأرش، ولا أرى عليه تعزيرًا؛ ما لم تقم عليه بذلك الجرح، بيّنة عدل، أو يقرَّ له: أنَّه جرحه (٦).

القول الرابع: أنه لا يقضى للمدعي بنكول المدعى عليه، ولا ترد اليمين على المدعي، بل يجبر المدعى عليه على اليمين، وهو مذهب الظاهرية (٧)، ورأي الزيدية (٨).

قال في المحلى: "فإن لم يكن للطالب بينة وأبى المطلوب من اليمين أجبر عليها، أحب أم كره، ولا يقضى عليه بنكوله في شيء من الأشياء أصلًا، ولا ترد اليمين على طالب البينة"، واستدل له: بعدم وجود دليل من القرآن ولا من السنة ولا من الإجماع على القضاء بالنكول ولا باليمين المردودة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينتك أو يمينك، ليس لك إلَّا ذلك"، قال في المحلى: "فصح يقينًا أنه لا يجوز أن يعطى المدعي بدعواه دون


(١) انظر: مغني المحتاج شرح المنهاج، محمد الشربيني، ٤/ ٤٧٧.
(٢) انظر: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، ابن فرحون، ٢/ ٨٨.
(٣) انظر: الطرق الحكمية في السياسات الشرعية، ابن قيم الجوزية، ٨٧.
(٤) انظر: شرائع الإسلام، المحقق الحلي، ٢/ ٢١٢.
(٥) انظر: سبل السلام، الصنعاني، ٤/ ١٤٦.
(٦) انظر: المصنف، أبو بكر أحمد بن عبد الله بن موسى الكندي، وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان، ١٦/ ٥٠٩.
(٧) انظر: المحلى، ابن حزم، ٩/ ٣٧.
(٨) انظر: سبل السلام، الصنعاني، ٤/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>