للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدراهم ولا بشيء أصلًا، فمتى وقع فُسخ أبدًا، ولا يجوز في الأرض إلا المزارعة بجزء مسمى مما يخرج منها، أو المغارسة كذلك فقط، فإن كان فيها بناء قل أو كثر جاز استئجار ذلك البناء، وتكون الأرض تبعا لذلك البناء غير داخلة في الإجارة أصلًا.

ولا يجوز عند الظاهرية استئجار دار ولا عبد ولا دابة ولا شيء أصلًا ليوم غير معين، ولا لشهر غير معيَّن، ولا لعام غير معيَّن؛ لأن الكراء لم يصح على شيء لم يعرف فيه المستأجر حقه؛ فهو أكل مال بالباطل وعقد فاسد (١).

القول الثاني: لا يرى فسخ وضمان العقد: وإليه ذهب الحنابلة، والإمامية، والإباضية:

١) فالحنابلة يرون أن العقد يكون صحيحًا إلا أن الناظر يضمن قيمة النقص الفاحش، لأنه يتصرف في مال غيره على وجه الحظ، فيضمن ما نقصه بعقده، وهو في ذلك كالوكيل إذا باع بدون ثمن المثل، أو أجَّر بدون أجرة المثل (٢)، ويجب أن يلاحظ هنا أنه إذا كانت العين موقوفة على الناظر فإنه يجوز أن يؤجرها بأقل من أجرة المثل؛ قياسًا على جواز الإجارة، هذا عند الشافعية.

٢) أما فقهاء الحنابلة فإن لهم في هذه الصور رأيان؛ أولهما: يجيز الإجارة كما الشافعية، وثانيهما: لا يجيزه، كما أن بعض فقهاء الحنابلة يرتبون أثرًا على ذلك يتعلق ببطلان ولاية الناظر؛ إذ يرونه مفرطا، فتزول ولايته بانتفاء شرطها؛ وهو الأمانة، وهناك من يرى أن نظارته لا تبطل، ويكتفي بتضمينه وحسب (٣).


(١) انظر: المحلى بالآثار، ابن حزم، (مسألة، ١٢٩٧، ١٢٩٨)، ٧/ ١٣ - ١٤.
(٢) انظر: دقائق أولي النهي لشرح المنتهي المعروف بشرح منتهى الإرادات، البهوتي الحنبلي، ٢/ ٥٠٦، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، المرداوي، ٧/ ٧٣ وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي الحنبلي، ٤/ ٢٦٩.
(٣) انظر: تقرير القواعد وتحرير الفوائد المشهور بـ "قواعد ابن رجب"، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، ط ١، ١٤١٩ هـ، ٢/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>