للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووصفت بالتمام؛ لأنَّها كلمات جامعة للعقائد الإيمانية، من العقليات والنقليات علمية وعملية، أو لأن هذه الأشياء وما والاها هي التي تستحق صفة الكمال والتمام، وما سواها من الأمور الدنيوية في معرض الزوال والنقص والفساد، أو لأنَّها محميّة عن التغيير والتبديل، باقية إلى النشور، وقيل: "المراد بها دعوة التوحيد، كقوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ [الرعد: ١٤]، وقيل لدعوة التوحيد: تامة؛ لأن الشركة نقص".

وقال ابن التين: "وصفت بالتمام؛ لأن فيها أتمَّ القول، وهو لا إله إلَّا الله"، وقال الطيبي: "من أوله إلى قوله: "محمد رسول الله" هي الدعوة التامة، والحيعلة هي الصلاة القائمة، في قوله: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: ٣] " (١)، انتهى. والأظهر أن المراد بالصلاة: المعهودة المدعو إليها حينئذ، كما ذكره ميرك.

(آتِ محمدًا) أي: أعطِه (الوسيلة والفضيلة) أي: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، أو منزلة أخرى، أو تفسير للوسيلة، (وابعثه مقامًا محمودًا) أي: في مقام محمود يحمد القائم فيه، وهو مطلق في كلّ ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات، وفي رواية النسائي وابن حبان: "المقام المحمود" (٢).

فإن قلت: ما وجه نصبه لامتناع أن يكون مفعولًا فيه؛ لأنه مكان غير


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" الطيبي (١/ ٩١٣ رقم: ٦٥٩).
(٢) أخرجه النسائي (٢/ ٢٦)، وابن حبان (١٦٨٩)؛ كلاهما من حديث جابر بن عبد الله به مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>